الإسلام والتسعير ونحوه أو حول أجور العقار - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
محمد عزير شمس
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
لا غبارَ عليه، فليس للإمام أن يُسعِّر حتى يتبين له جَشَعُ التجار وتواطؤهم، وعدم قناعتهم بالربح بالمعروف، وتضرر الناس بذلك.
ولنفرضْ أنّ بلدًا من بلاد المسلمين حاصرها العدوّ، ولم يكن فيها طعام إلا عند رجلٍ واحدٍ، فأبى أن يبيع لأحدٍ منهم قوتَه إلا بجميع ما يملك في ذلك البلد وغيره، فيبيع ما قيمته درهم بمائة ألف درهم ونحوها، هل يمكِّنُه أمير الواقعة من ذلك؟
فإن تبيّن وجوبُ التسعير في هذه الواقعة مثلًا تبينَ أنّ امتناع النبي ﷺ منه إنّما كان لأنّ الحال حينئذٍ لا تستدعيه.
وأحاديث النهي عن الاحتكار معروفة، ولم يعتذر عنها بشيء، إلا أنّ سعيد بن المسيّب لما روى الحديث عن معمر قيل له: إنّك تحتكر، فقال: كان معمر يحتكر.
والواجب في مثل هذا أن يُحمَل احتكار معمر وسعيد على وجهٍ غيرِ الوجه المنهي عنه؛ كأن يقال: إن التمر مثلًا يكثُر في الموسم، ويُعرَض للبيع، فيشتري أرباب البيوت وسائر الناس حاجتهم بحسب ما يتيسَّر لهم، وليس كل محتاج للقوت يستطيع أو يرغب أن يشتري قوتَ سنته دفعةً واحدة، فيبقى الأكثر يشتريه التجار، فشراء التاجر حينئذٍ وادخاره إلى أن يحتاج الناس إلى التمر لقُوْتِه، وحينئذٍ ترتفع الأسعار في الجملة، فيُخرِجه حينئذٍ للبيع= عَملٌ لا تظهر فيه مفسدة. بل لو مُنِع التجار من الشراء حينئذٍ لتضرر أهل النخل؛ لأنّ مصلحتهم تقضي بأن يبيعوا كثيرًا منه حينئذٍ ليقضُوا حاجاتهم الأخرى.
17 / 893