نيفت عن الثلاثين، وقد ذهب الإمام أحمد إلى أن أول وقتها وقت صلاة العيد، وروى عن ابن مسعود وجابر وسعيد ومعاوية أنهم صلوا قبل الزوال ولم ينكروا. خرجه أبو داود في سننه عن ابن الزبير أيضًا، وهذا مما يبرهن أن شأنها غير ما يعهد من بقية المكتوبات مما أصل سره هو التجميع وأن الجمع إذا حضر من الضحوة فصاعدًا جاز أن تؤدى وقتئذ كالعيد.
وعجبًا لهم أيضًا كيف اشترطوا لها الجماعة وهلا قالوا هي كغيرها مطلقا من الصلوات تتميمًا للجمود١ قيل: يمنعهم من ذلك الإجماع على اشتراط الجماعة. فقلت: هذا مما يقوي الاحتجاج عليهم فإن الأصوليين اتفقوا على أن الإجماع لا بد له من مستند كتاب أو سنة هي قوله صلوات الله عليه أو فعله ولا مستند للإجماع هنا إلا فعله ﵊، وإذا كان هذا المستند بطل جوازها باثنين إذ لم يفعلها ﵇ إلا بأهل المدينة قاطبة ولم يرخص لأهل العوالي ولا لغيرهم ممن حول المدينة أن يجمعوا لأنفسهم فما ذاك إلا لاشتراط وفرة الجمع وهو بديهي لولا الجمود٢.
_________
١ قلت: الوقوف عند الدليل ليس جمودًا بل هو واجب كل عالم، أن لا يقول على الله بغير علم، والعلم هو الدليل، وهو الذي منعهم من عدم القول بشرطية الجماعة، ألا وهو قوله ﷺ: "الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا ... " الحديث. انظر رسالتنا السالفة ص٣٦، ٣٨" وهو مستند الإجماع الذي حكاه المؤلف وغيره. "ناصر الدين".
٢ قلت: قد عرفت أن اتباع الدليل ليس جمودًا، وسامح الله المؤلف فقد أكثر من نبذ أهل العلم والتحقيق بهذا الجمود بينما نراه متسامحًا في سائر مؤلفاته مع مخالفيه في مجادلتهم. وقد ذكرنا آنفًا أن مستند الإجماع المذكور إنما هو قوله ﷺ في الحديث السابق: "في جمعة"، ولا يصلح مستندًا له ما ذكره المؤلف من قبله ﷺ؛ لأن الفعل وحده لا يدل=
1 / 58