قال: ومن ذلك قصة عثمان بن عفان ﵁ وذلك أنه كان يسافر فيتم في السفر فيقال له: "أليس قصرت مع رسول الله ﷺ" قال: "بلى. ولكني إمام الناس، فينظر إلي الأعراب وأهل البادية أصلي ركعتين فيقولون: هكذا فرضت"١ قال الطرطوشي رحمه الله تعالى: تأملوا رحمكم الله تعالى فإن في القصر قولين لأهل الإسلام، منهم من يقول: فريضة ومنهم من يقول: سنة، ثم اقتحم عثمان ﵁ ترك الفرض أو السنة لما خاف من سوء العاقبة وأن يعتقد الناس أن الفرض ركعتان.
قال: وكان عمر ينهى الإماء عن لبس الإزار وقال: "لا تشبهن بالحرائر"٢ وقال لابنه عبد الله: "ألم أخبر أن جاريتك لبست الإزار لو لقيتها لأوجعتها ضربا" قال الطرطوشي: ومعلوم أن هذه سترة، ولكن فهموا أن مقصود الشرع المحافظة على حدوده، وأن لا يظن الناس أن الحرة والأمة في السترة سواء فتموت سنة وتحيي بدعة.
ثم قال "أبو شامة": ونظير ما حكي عن أبي بكر وعمر ﵄ في الأضحية ما أخرجه "البيهقي في كتاب السنن"٣ عن عبد الرحمن بن أبزى أن أبا بكر وعمر كانا يمشيان أمام الجنازة وكان علي يمشي خلفها، فقيل لعلي ﵁: كانا يمشيان أمامها فقال: "إنهما يعلمان أن المشي خلفها أفضل من المشي أمامها كفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته فذًّا ولكنهما يسهلان للناس".
_________
١ قلت: لم يصح عن عثمان، وقد كان الأعراب يصلون وراء النبي ﷺ في حجة الوداع، فكان إمامهم، ومع ذلك فلم يثبت عنه ﷺ أنه أتم.
٢ أخرجه البيهقي "٢: ٢٢٦" وفيه أحمد بن عبد الحميد، ولم أجد له ترجمة، لكن قال البيهقي عقبه: "والآثار عن عمر بن الخطاب في ذلك صحيحة" وراجع "المحلى" لابن حزم.
٣ "ج٤: ٢٥" وفيه زائدة وهو ابن خراس، وقيل: ابن أوس بن خراس الكندي، كما قال البيهقي وسكت عنه، وكذا ابن أبي حاتم في "الجرح" "١-٢-٦١٢" فلم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
1 / 22