قال أبو محمَّد: ما أكثر من تغلَّط في هذا. ويظنُّ أنَّ شَتْم العِرْض إنَّما (١) هو شَمْ السَّلَف من الآباء والأمّهات، وليس كذلك، إنَّما عِرْض الرجُل نفْسُه وبدَنُه. ومنه قولُ النَّبي ﷺ: "إنَّما هو عَرَقٌ يجري من أعْراضِهم".
أي. من أبدانهم. ومنه قول أبي الدَّرْدَاء: (٢) "أقْرِض من عِرْضك ليوم فَقرك".
أرأد مَنْ شَتَمَك فلا تَشْتِمْه، وَمَن ذكرَك فلا تذكوه. ودَعْ ذلك قَرضًا لك عليه ليوم الجَزَاء والقِصاص (٣).
يوضح هذا القول ابن عُيَيْنة: (٤) "لو أن رجُلًا أصابَ من عِرْض رجُل شيئًا، ثم تورَّع فجاء الى وَرَثَتِه وإلى جميع أهل الأرض، ما كان في حِلٍّ" (٥). ولو أصابَ من ماله ثم دَفَعه إلى ورَثَتِهِ لكنّا نرى ذلك كفّارة له فعِرْضُ المؤمن أشدّ من مالِه. فهذا يدُلّ على أنَّ عِرْض الرجُل بَدَنُه ونفسُه.
_________
(١) زيادة من: ظ.
(٢) الحديث في: غريب ابن قتيبة ٢/ ٢٧٠، والنهاية ٣/ ٢٠٩ و٤/ ٤١، والفائق ٣/ ١٣٥، وينظر: غريب أبي عبيد ٤/ ١٤٩، والزاهر ٢/ ٦٩، وأمالي المرتضى ١/ ٦٣٢.
(٣) غريب ابن قتيبة ٢/ ٢٧١، والنهاية. وينظر: رد الانباري عليه، في الزاهر ٢/ ٦٩.
(٤) ابن عيينة، سفيان الهلالي، الكوفي، من الحفاظ الثقات، ولد سنة ١٠٧ هـ، وتوفي سنة ١٩٨ هـ. وقال فيه الامام الشافعي: "لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز". ينظر: تهذيب التهذيب ٤/ ١١٦، وتذكرة الحفاظ ١/ ٢٤٢، تاريخ بغداد ٩/ ١٧٥، و١١/ ٣٦٢.
(٥) النص في: أدب الكاتب: ٢٧، ونقله الانباري في: الزاهر ٦٩/ ٢ (مع تغيير في بعض ألفاظه)، وأمالي المرتضى ١/ ٦٣٢ - ٦٣٣.
1 / 83