قال أبو عبيد (١): كأنَّه يذهب إلى أنَّه لو كان يولد على الفِطْرة ثم مات قبل أنْ يُهَوِّده (٢) أبَواه أو يُنَصِّرانه ما ورثهما ولا ورثاه. لأنَّه مُسْلم وهما كافران. وكذلك ما كان يجوز أنْ يُسْبى. فلمّا نزلَت الفرائض وجَرت السُّنن بخلاف ذلك عُلِمَ أنَّه يُولَد على دينهما. قال: وأمّا عبد الله بن المبارك، فإنَّه بلَغَني أنَّه سُئِلَ عن تأْويل هذا الحديث فقال: تأويلُه، الحديثُ الآخر، أنَّ النَّبي ﷺ: "سُئِل عن أطْفال المشركين فقال (٣): الله أعلم بما (٤) كانوا عاملين (٥)."
قال أبو عبيد (٥): يذهب إلى أنَّهم يولدون على ما يصيرون إليه من إسلام أو كُفْر. فمن كان في عِلْم الله أنَّه يصير مُسْلمًا فإنَّه يولد على الفِطْرة (٦). ومن كان في عِلْمه أنَّه يموت كافرًا وُلدَ على ذلك.
قال: وممّا يُشْبِه هذا الحديث، حديثُه الآخر: أنَّه قال: يقول الله ﷿ (٧): ﴿إني خلقْتُ عبادي جميعًا حُنَفاء، فاجْتالَتْهم الشياطين عن دِينهم. وجعلَت نحْلتهم من رِزْق، فهو لهم حلال، فحرَّم عليهم الشياطين ما أحلَلْتُ لهم".
_________
(١) ينظر: غريب الحديث ٢/ ٢١.
(٢) ظ: يهوداه أبواه.
(٣) الحديث في: مسند ابن حنبل ٢/ ٢٥٩، ٢٦٨، ٣٩٣، ٤٧١.
(٤) ظ: ما.
(٥) غريب الحديث ٢/ ٢٢.
(٦) ينظر عن (الفطرة)، بحث للدكتور أحمد حسن فرحات، مجلة حضارة الاسلام، (ع/٥، ٦ ص/١٦ ص ٥١، الفطرة) ..
(٧) وهو من الحديث القدسي ينظر: تأويل مختلف الحديث: ٧، والنهاية ١/ ٣١٧.
1 / 56