وما صب رجلي في حديد مجاشع مع القدر إلا حاجة لي أريدها والقدر في كلام العرب هو التقدير ، يقال : قدرت الثوب وقدرته ، وثوب مقدر ، فالقدر منزلة التقدير ، والقضاء منزلة التفصيل والقطع ، وفي القدر معنى آخر ، قال الله تعالى : [وما قدروا الله حق قدره] (¬1) أي ما عظموه حق عظمته ، ويقال : قدر عليه رزقه بالتخفيف ، أي ضيق عليه ، قال الله تعالى : [فقدر عليه رزقه ] (¬2) فمن خفف فالفاعل منه قادر ، والمقدور مفعول ، والفاعل قادر ، ومن شدد فالفاعل مقدر بالكسر ، والمفعول مقدر بالفتح والتشديد ، وروى عكرمة أن ابن عباس سئل عن القدر ، فقال : الناس فيه على ثلاث منازل : من جعل للعباد في الأمر مشيئة فقد ضاد الله في أمره ، ومن أضاف إلى الله شيئا مما ينزه عنه ، فقد افترى على الله افتراء عظيما ، ورجل قال / إن رحمت فبفضل الله فذاك الذي سلم له 27أ دينه ودنياه ، ولم يظلم الله في خلقه ، ولم يجهله في حكمه ، فالقدر من طريق اللغة من تقدير الله الأشياء أول مرة ، ثم قضاها وفصلها 0
القضاء : القضاء على وجوه ،ويكون بمعنى الأمر ، قال الله تعالى : [ وقضى ربك ] (¬3) أي أمر ربك ، ويكون بمعنى الخبر ، قال : [وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب ] (¬4) أي أخبرناهم ، ويكون بمعنى القطع والفصل ، يقال : قضى القاضي بينهم ، أي فصل الحكم وقطعه وفرغ منه ، ومنه قوله تعالى : [ لقضي إليهم أجلهم ] (¬5) معناه لفرغ وقطع ، ومنه يقال للميت : قد قضى ، أي فرغ من الدنيا وفصل منها ، وقال بعض العلماء : القدر هو الكتاب الذي يمحو الله منه ما يشاء ويثبت ، وهو أم الكتاب ، كما سماه الله ، وأم كل شيء قصده ومرجعه ، والعرب تسمي القدر كتاب ، قال الجعدي (¬6) :
صفحة ٧٦