محسوسا لا يلتبس الحال في مثله ولا يدخل فيه الاشتباه ، وكون ناقلية بالغين في الكثرة إلى حد لا يجوز على مثلهم في العادة التواطؤ فيه والافتعال له أو ما يجري مجراهما ، مع ارتفاع جميع الأسباب الداعية إلى ذلك ، عنهم واستحالتها منهم وتساوي طبقاتهم في ذلك على الوجه المقطوع به إنه لم يكن مختصا بطبقة دون طبقة ، ولا بفريق دون فريق ، فإذا اختص الخبر بذلك أفاد العلم وأثمر اليقين بمخبره ، وسمي لذلك متواترا وإلا فلا.
وصدق جميع أنبياء الله معلوم بإخبار الصادق عنهم ، وهو نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم مع ما تضمن الكتاب العزيز من ذكر الأنبياء المعينين فيه.
وصدق نبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم معلوم بادعائه النبوة ، وظهور المعجز مطابقا لادعائه مختصا بجميع شرائطه ، فلو لا أنه صادق لم يجز ذلك.
ومعجزاته صلى الله عليه وآله وسلم وإن كانت كثيرة إلا أن منها :
ما هو باق موجود ، وهو القرآن الكريم ، ووجه الاستدلال به على نبوته ، أنه تحدى العرب وقرعهم بالعجز عن معارضته ، ولو لا التحدي لم يكن لادعائه وجه ، فعجزوا عن المعارضة ، مع توفر الدواعي إليها وقوة البواعث عليها ، ولو لا عجزهم عنها لأتوا بها ، ولو أتوا لنقلت وظهرت ، بل كان نقلها وظهورها أعظم من ظهور القرآن ونقله ، لأنها كانت حجة لهم بمثلها بقاء جميع ما كانوا فيه من ديانة ورئاسة وغيرهما ، فلما لم يعرف لها نقل ولا أشير إلى ذلك بوجه ، مع تطاول المدة التي كانوا فيها بها مهتمين ، وعلى إثباتها مجتهدين متحيلين ، علم بلا شبهة عجزهم عنها ، وثبت أنه عائق لعوائدهم (1) لأنهم مع ما كانوا فيه من الفصاحة والبلاغة عدلوا
صفحة ٤١