صدقهم. وشرط المعجز في دلالته على التصديق أن يكون متعذرا في جنسه أو صفته المخصوصة ، لكونه من فعل الله تعالى ، أو جار مجرى فعله (1)، لأن الدعوى عليه ، فما تصديها إلا إليه خارقا للعادة الجارية بين المبعوث إليهم ، لأن المعتاد لا إبانة به ولا دلالة فيه مطابقا لدعوى المدعى على وجه التصديق له ، لأن المتراخي لا قطع به على ذلك ، لتجويز (2) دخول الحيلة فيه.
فإذا حصل على هذه الشروط دل على صدق من ظهر على يديه ، واختص به ، وسمي لذلك معجزا ، لأنه إذا وجب في حكمته سبحانه تصديق المدعى عليه ، من حيث كان صادقا عليه في دعواه ، وكان غاية تصديقه منه بالقول أن يقول : هذا صادق فيما ادعاه علي ، فكذلك إذا فعل له ما ذكرناه مما يقوم (3) في تصديق ادعائه مقام قوله إنه صادق فيه ، ولا فرق في ذلك بين القول والفعل القائم في إقامة الحجة به مقامه ، كما لا فرق بين أن تكون الدعوى نبوة أو إمامة أو غير هما من مراتب الصلاح ، إذ وجه الحكمة في وجوب تصديق الجميع إذا تعلقت المصلحة به واحد ، فتجويزه في موضع والمنع منه في آخر لا وجه له.
ومشاهدة المعجز لمن يشاهده يقتضي علمه به ، وإلا فالخبر (4) المتواتر فيه إذ ذاك يفيد العلم ، القطع به مع فقد مشاهدته ، ولا يتميز الخبر بكونه متواترا (5) مفيدا ما ذكرناه ، إلا بأن يكون على شروطه التي هي كون مخبره في الأصل مشاهدا
صفحة ٤٠