إشارات الإعجاز
محقق
إحسان قاسم الصالحي
الناشر
شركة سوزلر للنشر
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
٢٠٠٢
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
(لا يرجعون) لسد هذا الباب عليهم وقطع آخر الحبل الذي يتمسكون به، فسقطوا في ظلمات اليأس والتوحش والسكونة والخوف.
أما الجهة الثالثة، أعني:
نظم قيودات جملة جملة، فانظر الى (مثلهم كمثل الذيِ استوقد نارًا) كيف تتطاير شرارات النكت من قيوداتها.
أما لفظ "المثل" فاشارة الى غرابة حال المنافقين وان قصتهم اعجوبة؛ اذ المَثَل هو الذي يجول على الألسنة ويتناقله الناس لتضمنه لغرابة؛ اذ أخصّ صفاته الغرابة. ثم لاندماج قاعدة أساسية في الأمثال يقال لها: "حكمة العوام" و"فلسفة العموم". فالمراد بالمثل هنا صفتهم الغريبة وقصتهم العجيبة وحالهم الشنيعة. ففي التعبير بالمَثَل مجازًا اشارة الى الغرابة، وفي الاشارة رمز الى ان من شأن صفتهم أن تدور على لسان النفرة والتلعين كضرب المثل.
وأما "الكاف":
فإن قلت: إن حُذف كان تشبيهًا بليغًا فهو أبلغ؟
قيل لك: الأبلغ في هذا المقام ذكره، اذ التصريح به يوقظ الذهن بان ينظر الى المثال تبعيًا فينتقل عن كل نقطة مهمة منه الى نظيرها من المشبه. والا فقد يتوغل فيه قصدًا فتفوت منه دقائق التطبيق.
وأما "المَثَل" الثاني فاشارة الى ان حال المستوقد بغرابته ووجوده في حس العموم كان في حكم ضرب المثل.
وأما "الذي":
فان قلت: كيف افردَ مع انهم جماعة؟
قيل لك: اذا تساوى الجزء والكل والفرد والجماعة ولم يؤثر الاشتراك في صفة الفرد زيادة ونقصانا جاز الوجهان مثل (كمثل الحمار) ففي افراده اشارة الى استقلال كل فرد في تمثل الدهشة وتصوير شناعتهم، أوكان "الذي" "الذين" فاختُصر.
1 / 129