وأيضا فلو أجزنا ذلك لأجزنا جميع أنواع الظلم، فإنه لا يكاد يخلو شيء منها عن نفع لغير المظلوم، وإن أراد أن الألم يحسن لمجرد اعتبار يحصل للمؤلم.
قال الإمام عزالدين بن الحسن -عادت بركاته-: وهو اللائق بعلمه وفهمه، فمذهبه في غاية القوة، وأي نفع للمكلف أعظم من تأدية الألم هذا إلى كونه من أهل الجنة والسعادة الأبدية، انتهى.
(و) قال أبو علي في القديم: إن العوض كاف في حسن الآلام، قلنا له: (لو خلت الآلام من الاعتبار لكانت عبثا؛ لأن العبث هو الفعل الواقع من العالم به عاريا عن عوض مثله)، وهذا المعنى حاصل في الألم لو خلى من الاعتبار؛ لأنه كان يمكن ويحسن إيصال نفع العوض إلى المؤلم من دون الألم، وله أن يجيب بأن فائدته أن يصير العوض مستحقا وليس المستحق كالمتفضل به، (و) إذا كان عبثا فلا شك أن (العبث قبيح والله يتعالى عن فعل القبيح).
والذي يدل من السمع أنه لا بد في الآلام من العوض قوله تعالى: {وإذا الوحوش حشرت}[التكوير:5] ولا وجه لحشرها إلا للعوض، والذي يدل على أنه لا بد من الاعتبار قوله تعالى: {فاعتبروا ياأولي الأبصار} فلو لم يكن مرادا لله تعالى لما أمر به، والله أعلم.
(فثبت بهذه الجملة أن جميع الآلام والنقائص لا بد فيها من)
العوض والاعتبار).
(المسألة الثامنة عشرة: في القرآن الكريم)
قال الإمام عزالدين بن الحسن -عادت بركاته-: وجه الصحة في ذكر الكلام في القرآن في باب العدل، أن العدل لما كان كلاما في أن الله لا يفعل القبيح ولا يخل بالواجب، والقرآن لطف لنا وبيان لما كلفناه، واللطف والبيان واجبان على الله تعالى ذكر في باب العدل؛ لأنه من قبيل الواجب على الله تعالى.
قال الإمام يحيى -عليه السلام- في حد القرآن الكريم: هو الكلام الذي نزل به جبريل على النبي تعبدنا بتلاوته المنقول نقلا متواترا.
صفحة ٧٧