قال الإمام عزالدين عادت بركاته: وفيه سؤال وهو أن يقال: ما أنكرتم أكثر ما في الباب أنه لا بد من الانتهاء إلى قديم واجب الوجود وإلا أدى إلى مالا يتناهى من المحدثين أو محدثي المحدثين، ولكن ما أنكرتم أن صانع العالم الذي أثبتم له تلك الصفات بعض هؤلاء المحدثين المتوسطين، أو أول ما ذكرتم من المحدثين كما هو مقتضى سياق الكلام، فلا يثبت أن الإله المستحق للعبادة واجب الوجود.
والجواب: أن هذا المحدث الذي قدرتموه صانعا للعالم لا يخلو إما أن يكون من قبيل الأجسام أو الأعراض؛ إذ المحدثات لا تنفك عن هذين القسمين، وسيأتي التوجيه أن الجسم والعرض لا يصح منهما فعل الأجسام ونحوها، وإذا تقرر ذلك فلا بد أن يكون صانع العالم قادرا لذاته، عالما لذاته، وفي ذلك نفي أن يكون محدثا، ووجوب أن يكون قديما، وكلامنا في المحدثين وتسلسلهم إنما هو على جهة الفرض والتقدير وبيان أنه لا بد من قديم، وهذا الجواب وإن كان فيه استعانة بما يصلح أن يكون دليلا مستقلا حسن صحيح.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن عامة الآل يقولون إن صفاته تعالى من نحو قادر وعالم وموجود وقديم وحي تعبير ليس إلا، وإلا لزم التكثر في الذات، والتعدد في القدماء والواجبات، أو التلاشي إن قالوا: لا شيء ولا لا شيء، وهذه عبارة زين العابدين في توحيده لرب العالمين حيث قال: فأسماؤه تعبير وأفعاله تفهيم، وذاته حقيقة، وكنهه تفريق بينه وبين خلقه.
وقال الهادي -عليه السلام- في كتاب الديانات: لم يزل قادرا عالما ليس لقدرته غاية، ولا لعلمه نهاية، وليس علمه وقدرته سواه، ومن قال علم الله هو الله، وقدرة الله هي الله، وسمع الله هو الله، وبصر الله هو الله فقد قال في ذلك بالصواب .
قال الإمام المهدي -عليه السلام-: وهذا قول أبي الهذيل، ولو أمعن النظر الهادي لما كان لإضافتها إليه معنى؛ إذ لا يضاف الشيء إلى نفسه.
صفحة ٣٥