قال الإمام يحيى: ولا يلزم أن يكون حاصلا في الرتبة العلياء من الشجاعة.
قال الفقيه حميد: الواجب أن يعد واحدا من الشجعان سواء حصل ذلك بالقتل والقتال، أو بما يقوم مقامه من المواقف التي يعلم بها ثبات القلب كما روي في مواقف زيد بن علي مع هشام بن عبد الملك، والذي يدل على وجوب اعتبار الشجاعة أن الأمة أجمعت على ذلك، وإجماعها حجة واجبة الاتباع.
(و) الخامس (السخاء) فلا بد أن يكون سخيا سخاء متوسطا، فلا يكون معه من الشح ما يمنعه من وضع الحقوق في مواضعها ويؤدي إلى البخل المؤدي إلى التقتير الذي نهى الله عنه، ولا يكون معه من الكرم ما يضيع به أموال المسلمين فيتضرر أهل الحقوق بفواتها، ويتطلب هو الشيء وقت الحاجة فلا يجده، وإنما اشترط السخاء؛ لأنه لو لم يكن سخيا لانتقض الغرض بإمامته ؛ لأن من جملة ما تراد له الإمامة أخذ الحقوق ووضعها في مستحقها، ومهما لم يكن كذلك بطل الورع، والدليل قد دل على وجوبه، قيل: ولدخوله في الورع لم يعده بعضهم شرطا مستقلا.
(و) السادس القوة على (تدبير الأمر) وقد فسر ذلك بأمرين: أحدهما: السلامة من الآفات، فلا يكون أعمى ولا أصم ولا أبكم؛ لأنه إذا كان كذلك انتقض الغرض بإمامته، إذ لا يتمكن مع ذلك من ضبط الجنود وتقويم أود العساكر، والاهتداء إلى مصالحهم ونظم أمورهم وغير ذلك من مباشرة الأمور المتعلقة به، والإجماع على اعتبار ذلك فيه.
وقيل: أن يكون ذا رأي سديد وتدبير مفيد، فإن فقد الرأي الصائب، يجلب المصائب، فلا بد أن يكون معروفا بحسن السياسة.
قال الإمام يحيى: وحاصله أن يكون ذا رأي ومكانة بتدبير الحرب والسلم ويشتد في موضع الشدة، ويلين في موضع اللين، ولا يلزم أن يكون بالغا في العلم والأناة كل الغاية، فإن هذا متعذر، ولكن يكون بحيث لا يستفزه الطيش ولا يزعجه الفشل.
صفحة ١٤٤