237

إرشاد القلوب - الجزء2

تصانيف

فألحوا عليه بالحجارة، فلما نظر الكلب إليهم قد ألحوا عليه بالطرد أقعى على ذنبه وتمطى، ونطق بلسان طلق ذلق وهو ينادي: يا قوم لم تطردوني(1) وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؟ ذروني أحرسكم عن عدوكم، قال: فجعلوا يبتدرونه فحملوه على أعناقهم.

قال: فلم يزل الراعي يسير بهم حتى علا بهم جبلا، فانحط بهم على كهف يقال له "الوصيد" فإذا بازاء الكهف عين وأشجار مثمرة، فأكلوا من الثمرة وشربوا من الماء، وجنهم الليل فآووا إلى الكهف، فأوحى الله جل جلاله إلى ملك الموت أن يقبض أرواحهم، ووكل الله عزوجل بكل رجل منهم ملكين يقلبانهم ذات اليمين إلى ذات الشمال ومن ذات الشمال إلى ذات اليمين، فأوحى الله إلى خزان الشمس وكانت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وتقرضهم ذات الشمال.

فلما رجع دقيانوس من عيده سأل عن الفتية فاخبر انهم خرجوا هرابا، فركب في ثمانين ألف حصان، فلم يزل يقفو أثرهم حتى علا الجبل وانحط إلى الكهف، فلما نظر إليهم إذا هم نيام، فقال الملك: لو أردت أن اعاقبهم بشيء ما عاقبتهم بأكثر ما عاقبوا به أنفسهم ولكن ائتوني بالبنائين، وسد باب الكهف بالكلس(2) والحجارة، ثم قال لأصحابه: قولوا لهم يقولون لإلههم الذي في السماء يذهب بهم(3) إن كانوا صادقين أن يخرجهم من هذا الموضع.

ثم قال علي (عليه السلام): يا أخا اليهود فمكثوا ثلاثمائة سنة وتسع سنين، فلما أراد الله أن يحييهم أمر اسرافيل الملك أن ينفخ فيهم الروح، قال: فنفخ فقاموا من رقدتهم، فلما أن بزغت الشمس قال بعضهم لبعض: قد غفلنا هذه الليلة عن عبادة

2- الكلس: مثل الصاروج يبنى به، وقيل: الكلس ما طلي به حائط أو باطن قصر شبه الجص من غير آجر. (لسان العرب)

صفحة ٢٤٢