إرشاد القلوب - الجزء2

الديلمي ت. 800 هجري
206

إرشاد القلوب - الجزء2

تصانيف

ومن أفعالهم متبرئا، ولا زلت لأمير المؤمنين (عليه السلام) متواليا، ولأعدائه معاديا، ولألحقن به وإني لاؤمل أن ارزق الشهادة معه وشيكا إن شاء الله، ثم ودع حذيفة وقال: هذا وجهي(1) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام).

فخرج إلى المدينة، واستقبله(2) وقد شخص من المدينة يريد العراق فسار معه إلى البصرة، فلما التقى أمير المؤمنين (عليه السلام) مع أصحاب الجمل كان ذلك الفتى أول من قتل من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، وذلك لما صاف القوم واجتمعوا على الحرب، أحب أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يستظهر عليهم بدعائهم إلى القرآن وحكمه، فدعا بمصحف وقال: من يأخذ هذا المصحف يعرضه عليهم ويدعوهم إلى ما فيه، فيحيى ما أحياه ويميت ما أماته؟ قال: وقد شرعت الرماح في العسكرين حتى لو أراد امرء أن يمشي عليها لمشى.

قال: فقال الفتى: يا أمير المؤمنين أنا آخذه وأعرضه عليهم وأدعوهم إلى ما فيه، قال: فأعرض عنه أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم نادى الثانية: من يأخذ هذا المصحف فيعرضه عليهم ويدعوهم إلى ما فيه؟ فلم يقم إليه أحد، فقام الفتى وقال: يا أمير المؤمنين أنا آخذه وأعرضه عليهم وأدعوهم إلى ما فيه، قال: فأعرض عنه أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم نادى الثالثة فلم يقم أحد من الناس إلا الفتى، فقال: أنا آخذه وأعرضه عليهم وأدعوهم إلى ما فيه.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إنك إن فعلت ذلك فأنت مقتول، فقال: والله يا أمير المؤمنين ما شيء أحب إلي من أن ارزق الشهادة بين يديك وأن اقتل في طاعتك، فأعطاه أمير المؤمنين المصحف فتوجه به نحو عسكرهم، فنظر إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: ان الفتى ممن حشى الله قلبه نورا وايمانا وهو مقتول،

صفحة ٢١١