فقرهم إلى علمي، وغنائي عنهم وعن جميع الامة مما أعطاني الله عزوجل، فكيف آسى على من صد(1) عن الحق بعدما تبين له، واتخذ إلهه هواه، وأضله الله على علم، وختم على سمعه وقلبه، وجعل على بصره غشاوة، فمن يهديه من بعد الله.
ان هداه للهدى، وهما السبيلان: سبيل الجنة وسبيل النار والدنيا والآخرة، فقد ترى ما نزل بالقوم من استحقاق العذاب الذي عذب به من كان قبلهم من الامم، وكيف بدلوا كلام الله، وكيف جرت السنة من الذين خلوا من قبلهم، فعليكم بالتمسك بحبل الله وعروته، وكونوا حزب الله(2) ورسوله، وألزموا عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وميثاقه عليكم، فإن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا.
وكونوا في أهل ملتكم كأصحاب الكهف، وإياكم أن تفشوا أمركم إلى أهل أو ولد أو حميم أو قريب، فإنه دين الله عزوجل الذي أوجب له التقية ولأوليائه فيقتلكم قومكم، وإن أصبتم من الملك فرصة ألقيتم على قدر ما ترون من قبوله، وانه باب الله وحصن الايمان لا يدخله إلا من أخذ الله ميثاقه، ونور له في قلبه(3)، وأعانه على نفسه، انصرفوا إلى بلادكم على عهدكم الذي عاهدتموني عليه ، فإنه سيأتي على الناس برهة من دهرهم ملوك بعدي وبعد هؤلاء يغيرون دين الله عزوجل، ويحرفون كلامه، ويقتلون أولياء الله، ويعزون أعداء الله.
وتكثر البدع، وتدرس السنن حتى تملأ الأرض جورا وعدوانا وبدعا، ثم يكشف الله بنا أهل البيت جميع البلاء عن أهل دعوة الله بعد شدة من البلاء العظيم حتى تملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
ألا وقد عهد إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان الأمر صائر إلي بعد الثلاثين من وفاته وظهور الفتن، واختلاف الامة علي، ومروقهم من دين الله
صفحة ١٧٢