فأتى أبا بكر وهو في جماعة فسأله عن مقامه ووصية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأبطل دعواهم بالخلافة، وغلبهم بادعائهم تخليفهم مقامه، فأورد على أبي بكر مسألة أخرجه بها عن ايمانه وألزمه الكفر والشك في دينه، فعلتهم لذلك ذلة وخضوع وحيرة، فأدرك يا أمير المؤمنين دين محمد فقد ورد عليهم ما لا طاقة لهم به.
فنهض أمير المؤمنين صلوات الله عليه معي حتى أتينا القوم وقد البسوا الذلة والمهانة والصغار والحيرة، فسلم علي (عليه السلام) ثم جلس فقال: يا نصراني أقبل علي بوجهك واقصدني بمسألتك(1)، فعندي جواب ما تحتاج الناس إليه فيما يأتون ويذرون، وبالله التوفيق.
قال: فتحول النصراني إليه فقال: يا شاب إنا وجدنا في كتب الأنبياء إن الله عزوجل لم يبعث نبيا قط إلا كان له وصي يقوم مقامه، وقد بلغنا اختلاف عن امة محمد في مقام نبوته، وادعاء قريش على الأنصار، وادعاء الأنصار على قريش واختيارهم لأنفسهم، فأقدمنا ملكنا وفدا وقد اختارنا لنبحث عن دين محمد (صلى الله عليه وآله)، ونعرف سنن الأنبياء فيه، والاستماع من قومه الذين ادعوا مقامه، أحق ذلك أم باطل؟ قد كذبوا عليه كما كذبت الامم بعد أنبيائها على نبيها، ودفعت الأوصياء عن حقها.
وإنا وجدنا قوم موسى (عليه السلام) بعده عكفوا على العجل(2)، ودفعوا هارون عن وصيته، واختاروا ما أنتم عليه، وكذلك سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا، فقدمنا فارشدنا إلى هذا الشيخ، فادعى مقامه والأمر له من بعده، فسألناه عن الوصية إليه عن نبيه فلم يعرفها، وسألته عن قرابته منه إذا
صفحة ١٥٧