51

إرشاد العباد إلى معاني لمعة الاعتقاد

الناشر

دار التدمرية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢

تصانيف

من بَعُد، كما يسمعه من قرُب، أنا الملك، أنا الديان»، رواه الأئمة (١)، واستشهد به البخاري (٢).
وفي بعض الآثار أن موسى ﵇ ليلة رأى النار فهالته وفزع منها، ناداه ربه: «يا موسى»، فأجاب سريعًا استئناسًا بالصوت؛ فقال: «لبيك، لبيك، أسمعُ صوتك، ولا أرى مكانك، فأين أنت»؟ فقال: «أنا فوقك، ووراءك، وعن يمينك، وعن شمالك»، فعَلِم أن هذه الصفة لا تنبغي إلا لله تعالى، قال: «فكذلك أنت يا إلهي، أفكلامك أسمع أم كلام رسولك»؟ قال: «بل كلامي يا موسى» (٣): هذه الآثار والأحاديث التي ذكرها المصنف ﵀ أوردها للاستدلال على أن الله يتكلم بصوت، وهذا حق: أن الله يتكلم بصوت، وهو مستفاد من القرآن الكريم، لا من هذه الآثار التي نقل، فإن الأصل في الكلام أن يكون بصوت، وقد قال الله تعالى في غير موضع: ﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى﴾ [الشعراء:١٠]، والنداء: هو الخطاب بصوت مرتفع، وقال سبحانه: ﴿وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا﴾ [مريم:٥٢]، ففيها: أن الله كلم

(١) رواه أحمد في مسنده برقم (١٦٠٤٢)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٤٣٨) وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»، قال محقق المسند: «إسناده حسن».
(٢) رواه البخاري في صحيحه تعليقًا بصيغة التمريض مرفوعًا في (كتاب التوحيد)، باب (٣٢).
(٣) أورده السيوطي في الدر المنثور (١٠/ ١٦٣) عند تفسير الآية العاشرة من سورة (طه)، وهو أثر طويل جدًا من كلام وهب بن منبه، ونسبه السيوطي إلى: «أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم».

1 / 53