إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول
محقق
الشيخ أحمد عزو عناية، دمشق - كفر بطنا
الناشر
دار الكتاب العربي
رقم الإصدار
الطبعة الأولى ١٤١٩هـ
سنة النشر
١٩٩٩م
الْخِلَافَ بِالْأَفْعَالِ، وَأَنَّ الْأَكْثَرِينَ ذَهَبُوا إِلَى الْجَوَازِ، وَتَأَوَّلَ الْمَانِعُونَ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي سَهْوِهِ ﷺ عَلَى أَنَّهُ تَعَمَّدَ ذَلِكَ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ بَاطِلٌ بَعْدَ قَوْلِهِ: "أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي"، وَقَدِ اشْتَرَطَ جُمْهُورُ الْمُجَوِّزِينَ لِلسَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ اتِّصَالُ التَّنْبِيهِ بِالْوَاقِعَةِ.
وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: يَجُوزُ التَّأْخِيرُ.
وَأَمَّا قَبْلَ الرِّسَالَةِ: فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنَ الأنبياء عقلا ذَنْبٌ كَبِيرٌ وَلَا صَغِيرٌ.
وَقَالَتِ الرَّوَافِضُ١: يَمْتَنِعُ قَبْلَ الرِّسَالَةِ مِنْهُمْ كُلُّ ذَنْبٍ.
وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: يَمْتَنِعُ الْكَبَائِرُ دُونَ الصَّغَائِرِ، وَاسْتَدَلَّ الْمَانِعُونَ مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا بِالْكَبَائِرِ بِأَنَّ وُقُوعَ الذَّنْبِ مِنْهُمْ قَبْلَ النُّبُوَّةِ مُنَفِّرٌ عَنْهُمْ عَنْ* أَنْ يُرْسِلَهُمُ اللَّهُ فَيُخِلَّ بِالْحِكْمَةِ مِنْ بَعْثِهِمْ. وَذَلِكَ قَبِيحٌ عَقْلًا.
وَيُجَابُ عَنْهُ: بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ، وَالْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْسُوطٌ فِي كُتُبِ الكلام.
* في "أ": عند. _________ ١ وهم عشرون فرقة منها ثلاث زيدية، وفرقتان من الكيسانية، وخمس عشرة من الإمامية، أما الروافض السبئية فقد أظهروا بدعتهم في زمن سيدنا علي كرم الله وجهه فقالوا لعلي: أنت الإله. فأحرق قومًا منهم، ونفى زعميهم ابن سبأ، ثم افترقت الرافضة بعد ذلك أربعة أصناف زيدية، إمامية، كيسانية، غلاة، وسموا الرافضة لرفضهم الاعتراف أولًا بأبي بكر وعمر ثم لرفضهم بعد ذلك ما اتفق عليه الإجماع ا. هـ. الفصل بين الملل والأهواء والنحل "١/ ١٨٩".
الفصل الرَّابِعُ: فِي أَفْعَالِهِ ﷺ
...
الْبَحْثُ الرَّابِعُ: فِي أَفْعَالِهِ ﷺ
اعْلَمْ أَنَّ أَفْعَالَهُ ﷺ تَنْقَسِمُ إِلَى سَبْعَةِ أَقْسَامٍ:
الْأَوَّلُ:
مَا كَانَ مِنْ هَوَاجِسِ١ النَّفْسِ وَالْحَرَكَاتِ الْبَشَرِيَّةِ، كَتَصَرُّفِ الْأَعْضَاءِ وَحَرَكَاتِ الْجَسَدِ فَهَذَا الْقِسْمُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَمْرٌ بِاتِّبَاعٍ، وَلَا نَهْيٌ عَنْ مُخَالَفَةٍ وَلَيْسَ فِيهِ أُسْوَةٌ، وَلَكِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مُبَاحٌ.
الْقِسْمُ الثَّانِي:
مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْعِبَادَاتِ وَوَضَحَ فِيهِ أَمْرُ الْجِبِلَّةِ٢، كَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَنَحْوِهِمَا، فَلَيْسَ فِيهِ تَأَسٍّ، وَلَا بِهِ اقْتِدَاءٌ ولكنه يدل على الإباحة عند الجمهور.
١ جمع هاجس وهو الخاطر يقال: هجس في صدري شيء، يهجس، أي: حدس ا. هـ. الصحاح مادة هجس. ٢ الجبلة: الخلقة، والجمع جبلات. ا. هـ. الصحاح مادة جبل.
1 / 102