إعراب القراءات السبع وعللها ط العلمية
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٣٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ﴾.
قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحْدَهُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ «أَنْبِئْهِمْ» وَهَذَا غَلَطٌ، لِأَنَّ الْهَاءَ إِنَّمَا تُكْسَرُ إِذَا تَقَدَّمَتْهَا كَسْرَةٌ أَوْ يَاءٌ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «أَنْبِئْهُمْ» وَهُوَ الصَّوَابُ.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ﴾.
قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ «فَتَلَقَّى آدَمَ» بِالنَّصْبِ «كلمات» بِالرَّفْعِ، جَعَلَ الْفِعْلَ لِلْكَلِمَاتِ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ» بِالنَّصْبِ وَإِنَّمَا كُسِرَتِ التَّاءُ، لِأَنَّهَا غَيْرُ الْأَصْلِيَّةِ، فَمَنْ جَعَلَ الْفِعْلَ لِآدَمَ فَحُجَّتُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّمَ آدَمَ الْكَلِمَاتِ وَأَمَرَهُ بِهِنَّ، فَقَبِلَهَا آدَمُ وَتَلَقَّاهَا.
وَأَخْبَرَنَا ابْنُ دُرَيْدٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:
تَلَا أَبُو مَهْدِيٍّ يَوْمًا آيَةً، فَقَالَ: تَلَقَّيْتُهَا عَنْ عَمْرٍو، تَلَقَّاهَا عَنْ أَبِيهِ، تَلَقَّاهَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، تَلَقَّاهَا عَنِ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ، أَيْ: أَخَذَهَا وَقَبِلَهَا.
فَأَمَّا ابْنُ كَثِيرٍ، فَإِنَّهُ جَعَلَ الْفِعْلَ لِلْكَلِمَاتِ، لِأَنَّ كُلَّ مَنْ لَقِيتَهُ فَقَدْ لَقِيَكَ، وَكُلَّ مَنِ اسْتَقْبَلْتَهُ فَقَدِ اسْتَقْبَلَكَ، وَفِي ذَلِكَ قِرَاءَةُ ابْنُ مَسْعُودٍ: «لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمُونَ»، لِأَنَّ الْعَهْدَ لَمَّا نَالَ الظَّالِمِينَ، نَالَ الظَّالِمُونَ الْعَهْدَ، وَيُنْشِدُ:
قَدْ سَالَمَ الْحَيَّاتُ مِنْهُ الْقَدَمَا ... الْأُفْعُوَانَ وَالشُّجَاعَ الشَّجْعَمَا
لِأَنَّ الْقَدَمَ لَمَّا سَالَمَتِ الْحَيَّاتُ، سَالَمَتِ الْحَيَّاتِ الْقَدَمُ.
- وقوله تعالى: ﴿فمن تبع هُدَايَ﴾.
اتَّفَقَ الْقُرَّاءُ السَّبْعَةُ عَلَى فَتْحِ الْيَاءِ مِنْ «هُدَايَ» لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَهُمَا الْأَلِفُ وَالْيَاءُ، فَفُتِحَتِ الْيَاءُ عَلَى أَصْلِ الْكَلِمَةِ، وَمِثْلُهُ: «بُشْرَايَ»، «وَمَحْيَايَ» إِلَّا وَرْشًا فَإِنَّهُ رَوَى عَنْ نَافِعٍ «هُدَايْ»، «وَبُشْرَايْ» بِإِسْكَانِ الْيَاءِ، وَإِنَّمَا جَمَعَ بَيْنَ الساكنين، لِأَنَّ الْأَلِفَ قَبْلَ الْيَاءِ حَرْفُ لِينٍ، كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو عَمْرٍو فِي قَوْلِهِ: «وَاللَّائِي يَئِسْنَ» بِإِسْكَانِ الْيَاءِ، وَالِاخْتِيَارُ فَتْحُ الْيَاءِ، وَمِمَّا لَا يَجُوزُ بِحَذْفِ الْيَاءِ الْأَخِيرَةِ، وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي الْأَعْرَافِ.
- وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾. بالتنوين فالألف في الوقف عوض عن التَّنْوِينِ وَلَا يَجُوزُ الْإِمَالَةُ فِيهَا، قَالَ الْأَخْفَشُ: وقرأ بعضهم «وقولوا للناس حسنى»، مثل: ﴿ولله الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾. جَعَلَهَا أَلِفَ التَّأْنِيثِ، قَالَ الْبَصْرِيُّونُ: هَذَا غَلَطٌ، لِأَنَّ الِاسْمَ الَّذِي عَلَى «فُعْلَى» لَا يَجُوزُ إِلَّا بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ مِثْلَ: الصُّغْرَى والكبرى.
1 / 54