155

إعراب القراءات السبع وعللها ط العلمية

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

وَكَانَ الْأَصْلُ: «أَدْرِيكُمْ» فَانْقَلَبَتِ الْيَاءُ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا فَهِيَ أَلِفٌ فِي اللَّفْظِ يَاءٌ فِي الْخَطِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ﴾.
وَالْأَصْلُ: يَتَوَفَيَهُنَّ.
وَفِيهَا قِرَاءَةٌ ثَالِثَةٌ: حَدَّثَنِي أحمد بن عبدان، عن علي، عن أبي عُبَيْدٍ أَنَّ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ قَرَأَ: «وَلَا أَدْرَأْتُكُمْ بِهِ» بِالْهَمْزِ وَالتَّاءِ.
قَالَ النَّحْوِيُّونَ: هُوَ غَلَطٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تَهْمِزُ بَعْضَ مَا لَا يُهْمَزُ تَشْبِيهًا بِمَا يُهْمَزُ فَيَقُولُونَ: حَلَّأْتُ السَّوْقَ وَالْأَصْلُ: حَلَّيْتُ تَشْبِيهًا بِحَلَأْتُ الْإِبِلَ عَنِ الْمَاءِ، يَقُولُونَ:
رَثَأْتُ الْمَيِّتَ وَالْأَصْلُ: رَثَيْتُ تَشْبِيهًا بِالرَّثِيئَةِ، وَهِيَ اللَّبَنُ، وَيَقُولُونَ: لَبَأْتُ لِفُلَانٍ، وَالْأَصْلُ لَبَيْتُ تَشْبِيهًا بِاللَّبَاءِ، وَيَقُولُونَ: نَشِئْتُ رِيحًا وَأَصْلُهُ تَرْكُ الْهَمْزَةِ، وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ: «اهْتَزَّتْ وَرَبَأَتْ» تَشْبِيهًا بِالرَّبِيئَةِ، وَهُوَ مِنْ رَبَأْتُ الْقَوْمَ: إِذَا كُنْتُ لَهُمْ حَافِظًا وَعَيْنًا.
وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي رِوَايَةِ قُنْبُلٍ: «وَلَأَدْرَاكُمْ» بِغَيْرِ مَدٍّ، لِأَنَّهُ كَانَ يَرَى مَدَّ حَرْفٍ بِحَرْفٍ مِثْلَ: ﴿بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ وَالْبَاقُونَ يَمُدُّونَ، وَهُوَ الصَّوَابُ.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾.
قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ بِالْيَاءِ هَاهُنَا وَحَرْفَيْنِ فِي النَّحْلِ وَفِي الرُّومِ وَقَرَأَ فِي النَّمْلِ بِالتَّاءِ، وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْقُرَّاءُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْخَمْسَةِ.
وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَعَاصِمٌ وَابْنُ عَامِرٍ كُلَّ ذَلِكَ بِالْيَاءِ.
وَقَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ بِالتَّاءِ كُلَّ ذَلِكَ.
فَمَنْ قَرَأَ بِالْيَاءِ جَعَلَ الإِخْبَارَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ غَيْبٌ، وَمَنْ قَرَأَ بِالتَّاءِ أَيْ: قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا تُشْرِكُونَ يَا كَفَرَةُ.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يُسَيِّرُكُمْ﴾.
قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ «يَنْشُرُكُمْ» بِالشِّينِ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «يُسَيِّرُكُمْ» بِالسِّينِ غَيْرَ مُعْجَمَةٍ.
فَالشُّينُ مِنَ النَّشْرِ، وَمِنْهُ نَشَرْتُ الثَّوْبَ وَمَعْنَاهُ: يَبْسُطُكُمْ عَنِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَيُنْبِتُكُمْ، وَشَاهِدُهُ قَوْلُهُ: ﴿فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ وَ﴿إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ﴾ والسين من السير، وشاهده ﴿سيروا﴾ و«أولم يَسِيرُوا» وَاخْتَارَهَا بِغَيْرِ التَّاءِ لِقَوْلِهِ: «جَرَيْنَ» وَقَالَ:

1 / 157