اقتطاف الأزاهر والتقاط الجواهر
محقق
عبد الله حامد النمري
وَعُلاَهُمُ مَا زَالَ فِي ... حُلَلِ الثَّنَاءِ الجَزْلِ رَافِلْ
وَإِذَا أَتَى وَفْدُ العُفَا ... ةِ مُدَبِّرًا بِمَ ذَا يُقَابِلْ
هَبَّتْ قَبُولُ سَمَاحِهِمْ ... فَتَقُولُ إِنَّ الوَقْتَ قَابِلْ
أَعْطَاهُ حَتَّى قَالَ حَسْـ ... بِي وَانْثَنَى فِي الشُّكْرِ جَائِلْ
لاَ زَالَ يَنْشُرُهَا مَكا ... رِمَ لَمْ تَكُنْ يَوْمًا زَوَائِلْ
وَيَنَالُ مِنْ مِنَحِ الرِّضَى ... وَالسَّعْدِ غَايةَ كُلِ نَائِلْ
وَلَمَّا عَرَفْتُ مِنْ صِفَاتِهِ هَذِهِ الْجَوَاهِرَ الَّتِي نَظَمْتُهَا فِي سَلْكِ الكَلاَمِ، وَزَيَّنْتُ بِنَظْمِهَا أَجْيَادَ المُلْكِ فِي الأَنَامِ، قُلْتُ: لاَ بُدَّ مِنْ تُحْفَةِ قَادِمٍ أُقَدِمُهَا بَيْنَ يَدْيَهِ، وَوَسِيلَةِ وَاصِلٍ أَتَوَصَّلُ بِهَا إِلَيْهِ، فَرَأَيْتُ أَنَّ العِلْمَ أَشْرَفُ مَا عُنِيَتْ بِهِ أَكَابِرُ المُلُوكِ، وَأَنْفَسُ الجَوَاهِرِ الَّتِي تَتَضَمَّنُهَا ذَخَائِرُ السُّلُوكِ، وَتَحَقَّقْتُ أَنَّهُ مِمَّنْ يَرَى لِلْعِلْمِ حَقَّهُ، وَيجِبُ أَنْ تُزَيِّنَ بُدُورُهُ أُفْقَهُ، وَحِينَ قد رَأَيْتُهُ قَدْ عُنِيَ بِتَحْسِينِ الأَفْعَالِ، أَلَّفْتُ لَهُ كِتَابًا فِي تَصَارِيفِ الأَفْعَالِ، وَحين أَلْفَيْتُ أَفْعَالَهُ تَتَصَّرَفُ فِي فَتْحِ [الآمَالِ] الَّتِي تُقِرُّ الْعَيْنِ، اقْتَصَرْتُ مِنَ الأَفْعَالِ عَلَى (فَعَلَ) الَّذِي هُوَ مَفْتُوحُ العَيْنِ، مَعَ أَنّي رَأَيْتُ تَصَارِيفَ الأَفْعَالِ مُتَّسِعَةَ المَجَالِ مُلْتَبِسَةً عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الرِّجَالِ، وعِلْمَ ذَلِكَ فِي هَذَا الزَّمَانِ مَأْخُوذًا بِيَدِ الإِهْمَالِ،
1 / 42