اقتطاف الأزاهر والتقاط الجواهر
محقق
عبد الله حامد النمري
فَقَالَ لَهَا صَاحِبُهَا: يَا لَيْلَى! هَذَا قَبْرُ تَوْبَةَ الذِي يَقُولُ:
وَلَوْ أَنَّ لَيْلَى [الأخْيَلِيَّةَ] سَلَّمَتْ ... ... ... ...
فَهَلْ لَكِ أَنْ تُسَلِّمِي عَلَيْهِ؟ فَنَزَلَتْ عَنْ هَوْدَجِهَا وَأَتَتْ إِلَى القَبْرِ لِتُسَلِّمَ عَلَيْهِ، وَكَانَ إِذْ ذَاكَ دَاخِلَ القَبْرِ بَيْنَ صَفَائِحِهِ بُومٌ، فَلَمَّا سَلَّمَتْ لَيْلَى صَاحَ ذَلِكَ البُومُ صَيْحَةً شَدِيدَةً، فَتَذَكَّرَتْ لَيْلَى البَيْتَيْنِ، فَغُشِيَ عَلَيْهَا، فَمَاتَتْ وَدُفِنَتْ مَعَهُ.
وَقَوْلُهُمْ: "هُوَ أَثْقَلُ عَلَيَّ مِنَ الزَّوَاقِي"، يُرِيدُونَ بِهِ: الدُّيُوكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَرُونَ لِلْحَدِيث وَالمُوَانَسَةِ، فَإِذَا صَاحَتِ الدِّيَكَةُ تَفَرَّقُوا، فَكَانَ صِيَاحُهَا ثَقِيلًا عَلَيْهِمْ. وَنَقَلَ ابْنُ جَنِي فِي "المُحْتَسَبِ"، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ قَرَءَا: ﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا زَقْيَةً وَاحِدَةً﴾ [يس: ٢٩، ٥٣]؛ المَعْنَى: صَيْحَةٌ وَاحِدَةٌ. وَذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ أَنَّ زَقَا، إِنَّمَا هُوَ مِنَ الوَاوِ، وَجَعَلَ الزّقْيَةَ مِنْ بَابِ (أَرْضٌ مَسْنِيَّةٌ)، وَقَوْلِهِ:
[وَقَد عَلِمَت عَرسي مُلَيكَةُ أَنَّني] أَنَا الليْثُ مَعْدِيًّا عَلَيْهِ وَعَادِيَا
فَجَعَلَ اليَاءَ فِي (زَقْيَةٍ) بَدَلًا مِنَ الوَاوِ، كَمَا أَنَّ (مَسْنِيَّةً) أَصْلُهُ: مَسْنُوّةٌ، وَ(مَعْدِيًّا) أَصْلُهُ: مَعْدُوًّا؛ وَغَيْرُ أَبِي حَاتِمٍ مِنَ اللُّغَوِيّينَ أَثْبَتَ: زَقَا يَزْقُو وَيَزْقِي، وَلَيْسَتِ اليَاءُ بَدَلًا مِنَ الوَاوِ.
1 / 134