شخوص وأشباح تمر وتنقضي ... جميعا وتفنى والمحرك باق قال ثابت بن قرة: راحة الجسم في قلة الطعام، وراحة الروح في قلة الآثام، وراحة اللسان في قلة الكلام، قلت: إلا بذكر الله فكثرته أولا.
والذنوب للقلب بمنزلة السموم إن لم تهلكه أضعفته ولابد، والضعيف لا يقوى على مقاومة العوارض، قال عبدالله بن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوب ... وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب ... وخير لنفسك عصيانها
كل شيء إذا كثر رخص إلا العلم والعقل كلما كثر أحدهما إلا، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
فصل
أشد الأمور تأييدا للعقل أربعة: استخارة الله، ثم مشاورة العلماء المخلصين، وتجربة الأمور، وحسن التثبت والتوكل على الله.
وأشدها ضررا على العقل الاستبداد بالرأي، والتهاون والعجلة.
قال بعض العلماء: إذا ظفر إبليس من ابن آدم بثلاث لم يطلبه بغيرهن: إذا أعجب بنفسه، واستكثر عمله، ونسي ذنوبه.
ثلاثة من أقل الأشياء ولا يزددن إلا قلة: درهم حلال تنفقه في حلال، وأخ في الله تأنس به وتسكن إليه، وأمين تطمئن إليه وتستريح إلى الثقة به.
إذا عاديت أمرا فلا تعادي جميع أهله، بل صادق بعضهم، ليكن سلاحا لك عليه، ويكف أذيته عنك.
قيل لبعضهم: من الذي يسلم غالبا من الناس، قال: من لم يظهر منه لهم خير ولا شر؛ لأنه إذا ظهر منه لهم خير عاداه شرارهم، وإن ظهر منه شر عاداه خيارهم.
احرص على مجالسة العلماء المستقيمين، فإن العقول تلقح العقول، واحذر من علماء الدنيا كل الحذر فهو الذئاب الضارية.
لا تفني عمرك في البطالة ولا بالكد فيما لا منفعة لك به.
ولكنه أفنه في الباقيات الصالحات لتفوز برضا الله.
صفحة ١٦