إيقاظ أولي الهمم العالية إلى اغتنام الأيام الخالية

أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد المحسن السلمان ت. 1422 هجري
121

إيقاظ أولي الهمم العالية إلى اغتنام الأيام الخالية

تصانيف

التصوف

وقال: عليك بما يرغبك في الآخرة، ويزهدك في الدنيا، ويقربك إلى الله عز وجل.

قال: الموصى، قلت: ما هو؟ فقال: تقصر عن الدنيا همك، وتشحذ إلى الآخرة نيتك، وتصدق ذلك بفعلك.

فإن كنت كذلك لم يكن شيء أحب إليك من الموت، ولا شيء أبغض إليك من الحياة.

فقلت: يا أبا عبدالله كنت لا أحسبك تحسن مثل هذا، فقال: كم من شيء كنت أحسنه وددت أني لا أحسنه.

وما يغني عني ما أحسن من الخير إذا لم أعمل به، وكان يشترط على رفقائه أن ينفق عليهم بقدر طاقته.

عن الحسن قال: كان عامر بن قيس إذا صلى الصبح تنحى في ناحية المسجد، فقال: من أقرئه؟ قال: فيأتيه قوم فيقرئهم، حتى إذا طلعت الشمس وأمكنته الصلاة قام يصلي إلى أن ينتصف النهار، ثم يرجع إلى منزله فيقيل.

ثم يرجع إلى المسجد إذا زالت الشمس فيصلي حتى يصلي الظهر، ثم يصلي إلى العصر، فإذا صلى العصر تنحى في ناحية المسجد.

ثم قال: من أقرئه؟ قال: فيأتيه قوم فيقرئهم حتى إذا غربت الشمس صلى المغرب، ثم يصلي حتى يصلي العشاء الآخرة، ثم يرجع إلى منزله فيتناول أحد رغيفيه، فيأكل ثم يهجع هجعة خفيفة، ثم يقوم فإذا أسحر تناول رغيفه الآخر فأكله، ثم شرب عليه شربة من ماء ثم يخرج إلى المسجد، وكان يأخذ عطاءه فيجعله في طرف ردائه فلا يلقى أحدا من المساكين يسأل إلا أعطاه، وكان يتجوز في الصلاة النافلة إذا جاءه أحدا خشية الرياء.

وقال بعضهم: جلست إليه وهو يصلي فتجوز في صلاته (أي خففها)، وقال لمن جاءه: أرحني بحاجتك فإني أبادر.

قال: قلت: وما تبادر؟ قال: ملك الموت رحمك الله، قال: فقمت عنه وقام يصلي. والله أعلم، وصل الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

صفحة ١٢٢