دعوة إلى السنة في تطبيق السنة منهجا وأسلوبا
الناشر
بدون ناشر فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية
مكان النشر
الرياض
تصانيف
السبب الأول: أن لا يكون الحديث قد بلغه. ومن لم يبلغه الحديث لم يُكلّف أن يكون عالمًا بموجبه، وإذا لم يكن قد بلغه -وقد قال في تلك القضية بموجب ظاهر آية، أو حديثٍ آخر، أو بموجب قياس، أو موجب استصحاب - فقد يوافق ذلك الحديث مرةً، ويخالفه أخرى.
وهذا السبب: هو الغالب على أكثر ما يوجد من أقوال السلف مخالفًا لبعض الأحاديث؛ فإن الإحاطة بحديث رسول الله ﷺ لم تكن لأحد من الأمة.
وقد كان النبي ﷺ يُحدِّثُ، أو يفتي، أو يقضي، أو يفعل الشيء، فيسمعه أو يراه من يكون حاضرًا، ويُبَلِّغه أولئك -أو بعضهم- لمن يبلغونه، فينتهي علم ذلك إلى من شاء الله من العلماء، من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ثم في مجلس آخر: قد يحدِّث، أو يفتي، أو يقضي، أو يفعل شيئًا، ويشهده بعض من كان غائبًا عن ذلك المجلس، ويبلّغونه لمن أمكنهم.
فيكون عند هؤلاء من العلم ما ليس عند هؤلاء، وعند هؤلاء ما ليس عند هؤلاء.
وإنما يتفاضل العلماء من الصحابة ومَن بعدهم بكثرة العلم، أو جودته.
وأما إحاطةُ واحد بجميع حديث رسول الله ﷺ فهذا لا يمكن ادعاؤه قط١. وقال:
فمن اعتقد أن كل حديث صحيح قد بلغ كلَّ واحد من الأئمة، أو
١ رفع الملام عن الأئمة الأعلام، لابن تيمية: ١٣-١٤.
1 / 134