المدخل إلى دراسة المدارس والمذاهب الفقهية
الناشر
دار النفائس للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م
مكان النشر
الأردن
تصانيف
خبر الواحد عند أبي حنيفة:
اشترط الإمام أبو حنيفة للأخذ بخبر الواحد شروطًا:
الأوّل: أن لا يخالفه راويه، فإن خالفه فالعمل بما رأى، لا بما روى، لأنّه لا يخالف مرويه إلا وقد اطلع على قادح استند فيه لدليل.
الثاني: أن لا يكون مما تعم به البلوى، فإن عموم البلوى يوجب اشتهاره أو توافره، فإذا رُوي آحاد فهو علة قادحة عنده.
الثالث: أن لا يخالف القياس، وأن يكون راويه فقيها، فإن خالف القياس، ولم يكن راويه فقيها، فالحديث المعارض للقياس لا يقبل إذا عُرفت العلة بنص راجح على الخبر، ووجدت العلة قطعا في الفرع، ويتوقف الإمام أبو حنيفة إذا وجدت العلة ظنا في الفرع، ويقبل الحديث المخالف للقياس إذا لم توجد في الفرع (^١).
فإذا توفرت هذه الشروط في خبر الواحد فإنه يأخذ به، ولو كان ضعيف السند، ويقدمه على القياس، ولا يلتفت لسنده الخاص، ولا لكونه على وفق عمل أهل المدينة أو خلافهم، وعلى هذا يحمل كلام ابن القيم في الأعلام: "وأصحاب أبي حنيفة ﵀ مجمعون على أن مذهب أبي حنيفة "أن ضعيف الحديث أولى عنده من القياس"، وعلى ذلك بنى مذهبه، كما قدَّم حديث القهقهة على القياس والرأي، وقدم حديث الوضوء بنبيذ التمر في السفر مع ضعفه على الرأي والقياس، ومنع قطع السارق بسرقة أقل من عشرة دراهم، والحديث فيه ضعف، وجعل أكثر الحيض عشرة أيام، والحديث فيه ضعف، وشرط في إقامة الجمعة المصر، والحديث فيه كذلك" (^٢).
فإذا لم تتوفر تلك الشروط في الحديث اعتبر الحديث شاذا، وذهب إلى القياس، وترك الحديث، ولو صحيحا، أو عمل به أهل المدينة أجمع.
_________
(^١) الفكر السامي.
(^٢) إعلام الموقعين: ١/ ٨١.
1 / 98