المدخل إلى دراسة المدارس والمذاهب الفقهية
الناشر
دار النفائس للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م
مكان النشر
الأردن
تصانيف
والحنابلة يفتي كثير منهم بوقوع طلاق السكران، وقد صرح الإمام أحمد بالرجوع عنه إلى عدم الوقوع.
والشافعية يفتون بالقول القديم في مسألة التثويب، وامتداد وقت المغرب ومسألة التباعد عن النجاسة في الماء الكثير، وعدم استحباب قراءة السورة في الركعتين الأخيرتين، وغير ذلك من المسائل، وهي أكثر من عشرين مسألة، ومن المعلوم أن القول الذي صرح بالرجوع عنه لم يبق مذهبًا له" (^١).
إلا أن إفتاء علماء المذهب بقديم قول الإمام قد لا يكون من قبيل عدهم تلك المسائل مذهبًا للإمام، بل هو من قبيل أن هذا هو الذي أداهم إليه اجتهادهم.
"وقد نبه الفقهاء على هذا المعنى، منهم النووي حيث يقول: إن أصحابنا أفتوا بهذه المسائل من القديم، مع أن الشافعي رجع عنه، فلم يبق له مذهبًا" (^٢).
ونقل النووي عن إمام الحرمين أنه قال في باب الآنية من كتابه نهاية المطلب: "معتقدي أن الأقوال القديمة ليست من مذهب الشافعي، حيث كانت، لأنه جزم في الجديد بخلافها، والمرجوع عنه ليس مذهبًا للراجع، فإذا علمت حال القديم، ووجدنا أصحابنا أفتوا بهذه المسائل على القديم، حملنا ذلك على أنه أداهم اجتهادهم إلى القديم لظهور دليله، وهم مجتهدون، فأفتوا به، ولا يلزم من ذلك نسبته إلى الشافعي، ولم يقل أحد من المتقدمين في هذه المسائل أنها مذهب الشافعي، أو أنه استثناها، قال أبو عمرو: فيكون اختيار أحدهم للقديم فيها من قبيل اختياره مذهب غير الشافعي، إذا أداه اجتهاده إليه، فإنه إن كان ذا اجتهاد اتبع اجتهاده، وإن كان اجتهاده مقيدًا مشوبًا بتقليد نقل ذلك الشوب من التقليد عن ذلك الإمام، وإذا أفتى بيّن ذلك في فتواه فيقول مذهب الشافعي كذا، ولكني أقول بمذهب أبي حنيفة" (^٣).
_________
(^١) إعلام الموقعين: ٤/ ٣٠٢.
(^٢) المجموع: ١/ ٦٧.
(^٣) المجموع: ١/ ٦٧. وراجع مغني المحتاج: ١/ ١٤.
1 / 53