المدخل إلى دراسة المدارس والمذاهب الفقهية
الناشر
دار النفائس للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م
مكان النشر
الأردن
تصانيف
ونقل أبو شامة عن مالك قوله: "إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه" (^١).
وعقب أبو شامة على هذين القولين لهذين الإمامين بقوله: "وذلك الظن بجميع الأئمة" (^٢).
وقد وجدنا من الأئمة من دلنا على مساره في تصحيحه لمذهبه وتنقيحه إياه، وعرفنا بالذي صار إليه في آخر أمره، ووجدنا من الأئمة من ترك لنا ثروة علمية فيها الروايات والأقوال في المسائل الاجتهادية، وقلما نجده بين اختياره فيما تعددت فيه عنه الأقوال.
فمن الصنف الأول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، فإنه دون مذهبه بنفسه، وبين لنا قواعده وأصوله التي بنى عليها مذهبه، ولم يكتف بذلك، بل أعاد تصحيح مذهبه وتنقيحه، فمذهبه الجديد الذي دونه في مصر، يمثل تصحيحًا وتنقيحًا لمذهبه القديم.
يقول الطوفي رحمه الله تعالى: "بعض الأئمة كالشافعي نصوا على الصحيح من مذهبهم، إذ العمل من مذهب الشافعي على القول الجديد، وهو الذي قاله بمصر، وصنف فيه الكتب كالأم ونحوه، ويقال: إنه لم يبق من مذهبه شيء لم ينص على الصحيح منه إلا سبع عشرة مسألة، تعارضت فيها الأدلة، واخترم قبل أن يحقق النظر فيها" (^٣).
وقد تواترت الأقوال عن أئمة الشافعية في وجوب المصير إلى أقوال الشافعي في مذهبه الجديد، وعدم جواز عدّ القديم مذهبًا للشافعي، يقول الجويني: "لا تحسب الأقوال القديمة من مذهب الشافعي، فإنه رجع عنها جديدًا،
_________
(^١) المصدر السابق.
(^٢) المصدر السابق.
(^٣) شرح مختصر الروضة: ٣/ ٦٢٦.
1 / 51