مدخل إلى القرآن الكريم عرض تاريخي وتحليل مقارن
الناشر
دار القلم
رقم الإصدار
الخامسة (مزيدة ومحققة)
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
جانب أصحاب العقيدة الرشيدة» (نفس المرجع ص ٩، ١٠) - لا زالت حتى اليوم يكسوها طابع التقديس وتستخدم في مدارس أهل السنة لا على أنها نص قرآني ولكن كأحاديث آحاد.
ورغم هذا الوضوح الذي يقطع كل شك، يبدو المبشر الانجليزي المتقدم ذكره قد وقع تحت تأثير التاريخ الكنسي المسيحي الذي ألف دراسته إلى درجة أنه يكاد يكون قد نقله بأحداثه الكاملة أثناء بحثه في المجال الإسلامي. فالواقع أنه يحاول أن يثبت أن النص القرآني قد مر بأطوار تشبه من جوانب كثيرة ما مر به الإنجيل.
ففي عرضه بكتابه المشار إليه، يبدأ في التفرقة بشكل غريب فى النص القرآنى ذاته بين «بعض الآيات المتعلقة بالعبادة» والتى «من المحتمل» على حد قوله، أن تكون قد دونت في عهد نزول الوحي، وبين آيات أخرى لم تدون (ص ٦) ثم يؤكد وهو يناقض نفسه، أنه حتى وقت وفاة الرسول ﷺ لم يكن مجموع القرآن قد دون بعد. (قارن ص ٥ مع ص ٧)، ثم ينفي بعد ذلك وهو يلعب بالألفاظ - الطابع «الرسمى» للمصحف الذي جمعه أبو بكر (قارن ص ٦، ٢١٢)، ثم يقرر في النهاية احتمال وجود بون شاسع بين نصوص الأمصار الإسلامية وقت قرار عثمان (ص ٨) - ويصف مسلمي الكوفة حينئذ وكأنهم فريقان منقسمان (بعضهم يقبل النص الجديد الذي بعث به عثمان والغالبية العظمي تتمسك بمصحف ابن مسعود) (ص ٨، ٢١).
وهكذا يبدو مصحف عثمان في هذا العرض ليس فقط كأنه مصحف من بين مصاحف كثيرة «مزاحمة له» (الفصل العاشر ص ٩ - ٢٣) وإنما أيضا على أنه وافد جديد غريب عن النصوص القديمة، أي معارض للقراءة التي كانت على عهد الرسول ﷺ، وأنه في النهاية يفرض نفسه على المسلمين لا لخصائصه الذاتية وإنما بفضل نفوذ المدينة (ص ٨).
هذه الطريقة في عرض تاريخ القرآن تتضمن مغالطات جسيمة وتقتضي منا التوضيح.
1 / 47