256

مدخل إلى تفسير القرآن وعلومه

الناشر

دار القلم / دار الشاميه

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م

مكان النشر

دمشق / بيروت

تصانيف

من الجولات والإيقاعات والظلال، ألوانا متنوعة تؤلف من تفرقها وتناسقها لحنا واحدا متعدّد النغمات موحد الإيقاع! في بعض مشاهدها جمال هادئ رقيق ندي النسمات والإيقاعات، كهذا المطلع الندي بمشاهده الكونية الرقيقة، وبظل العبادة والصلاة في ثنايا تلك المشاهد ... وَالْفَجْرِ* وَلَيالٍ عَشْرٍ* وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ* وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ. وفي بعض مشاهدها شدّ وقصف، سواء مناظرها أو موسيقاها، كهذا المشهد العنيف المخيف: كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا، وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا، وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى. يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي. فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ. وفي بعض مشاهدها نداوة ورقة ورضى يفيض، وطمأنينة، تتناسق فيها المناظر والأنغام كهذا الختام: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي. وفيها إشارات سريعة لمصارع الغابرين المتجبرين، وإيقاعها بين بين، بين إيقاع القصص الرخي وإيقاع المصرع القوي: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ. الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ، وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ. وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ. فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ، إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ. وفيها بيان لتصورات الإنسان غير الإيمانية وقيمه غير الإيمانية. وهي ذات لون خاص في السورة تعبيرا وإيقاعا: فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ. وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ ...».

1 / 272