مدخل إلى تفسير القرآن وعلومه

عدنان زرزور ت. غير معلوم
143

مدخل إلى تفسير القرآن وعلومه

الناشر

دار القلم / دار الشاميه

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م

مكان النشر

دمشق / بيروت

تصانيف

قال الأستاذ محمود شاكر: «ولا مناص لمتكلم في إعجاز القرآن من أن يتبين حقيقتين عظيمتين قبل النظر في هذه المسألة، وأن يفصل بينهما فصلا ظاهرا لا يلتبس، وأن يميز أوضح التمييز بين الوجوه المشتركة التي تكون بينهما: أولاهما: أن (إعجاز القرآن) كما يدل عليه لفظه وتاريخه هو دليل النبيّ ﷺ على صدق نبوته، وعلى أنه رسول من الله يوحى إليه هذا القرآن. وأن النبيّ ﷺ كان يعرف «إعجاز القرآن» من الوجه الذي عرفه منه سائر من آمن به من قومه من العرب، وأن التحدّي الذي تضمنته آيات التحدّي من نحو قوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٣) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٤) [سورة هود، الآيات ١٣ - ١٤]. وقوله: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (٨٨) [سورة الإسراء، الآية ٨٨]. إنما هو تحد بلفظ القرآن ونظمه وبيانه لا بشيء خارج عن ذلك، فما هو بتحد بالإخبار بالغيب المكنون، ولا بالغيب الذي يأتي تصديقه بعد دهر من تنزيله، ولا بعلم ما لا يدركه علم المخاطبين به من العرب، ولا بشيء من المعاني مما لا يتصل بالنظم والبيان. ثانيتهما: أن إثبات دليل النبوة، وتصديق دليل الوحي، وأن القرآن تنزيل من عند الله كما نزلت التوراة والإنجيل والزبور وغيرها من كتب الله سبحانه، لا يكون منها شيء يدل على أن القرآن معجز، ولا أظن أن قائلا يستطيع أن يقول: إن التوراة والإنجيل والزبور كتب معجزة، بالمعنى المعروف في شأن إعجاز القرآن من أجل أنها كتب منزلة من عند الله. ومن البيّن أن العرب قد طولبوا بأن يعرفوا دليل نبوّة رسول الله، ودليل صدق الوحي الذي يأتيه، بمجرد سماع القرآن نفسه، لا بما يجادلهم به حتى يلزمهم الحجة في توحيد الله، أو تصديق نبوّته، ولا بمعجزة

1 / 154