209

التمهيد لشرح كتاب التوحيد

الناشر

دار التوحيد

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٤هـ - ٢٠٠٣م

تصانيف

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]
آخر شيئا، فجاءه ليشفع له: فقد صار - بذلك - شفعا له: فسميت شفاعة؛ لأن صاحب الطلب أصبح شفعا، بعد أن كان فردا.
والشفاعة هي: الدعاء. وطلب الشفاعة هو: طلب الدعاء، فإذا قال قائل: أستشفع برسول الله، فكأنه قال: أطلب من الرسول ﷺ أن يدعو لي عند الله. فالشفاعة طلب؛ فمن استشفع فقد طلب الشفاعة، والخلاصة: أن الشفاعة دعاء، وهي: طلب الدعاء أيضا، وقد سبق أن قررنا أن كل دليل ورد في الشرع على إبطال أن يدعي مع الله - جل وعلا - إله آخر، فإنه يصلح أن يكون دليلا على إبطال الاستشفاع بالموتى الذين غابوا عن دار التكليف؛ لأن حقيقة الشافع - كما تقدم آنفا - أنه طالب ولأن حقيقة المستشفع أنه طالب أيضا، فالشافع في ظن المستشفع يدعو، والمستشفع يدعو من أراد منه الشفاعة، يعني: إذا أتى آت إلى قبر نبي، أو قبر ولي أو نحو ذلك، فقال: أستشفع بك، أو أسأل الشفاعة، فمعناه أنه طالب منه، ودعا أن يدعو له؛ فلهذا كان صرفها، أو التوجه بها إلى غير الله - جل وعلا - شركا أكبر؛ لأنها في الحقيقة دعوة لغير الله، وسؤال من هذا الميت، وتوجه بالطلب والدعاء منه. فإذا عرفت معنى الشفاعة، وحكم طلبها من الأموات، وأن ذلك شرك أكبر: فاعلم أن الأحياء الذين هم في دار التكليف يجوز طلب الشفاعة منهم؛ بمعنى: أن يطلب منهم الدعاء، لكن قد يجاب دعاؤهم، وقد لا يجاب، وهذا كما حاصل في شفاعة الناس بعضهم لبعض، بالشفاعة الحسنة، أو بالشفاعة السيئة، كما قال تعالى: ﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً﴾ [النساء: ٨٥] [النساء: ٨٥]، وقال: ﴿وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً﴾ [النساء: ٨٥] [النساء: ٨٥]، فهذا يحصل لكن من

1 / 213