412

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

مناطق
اليمن
الامبراطوريات
الدولة الرسولية

والحجة على ذلك: ما قررناه من قبل من جهة القول والفعل فلا وجه لتكريره، وكله دال على طهارتها من غير كراهة فلو كان فيه كراهة لنبه عليه؛ لأنه في موضع الشرع فلا يجوز تأخير البيان عن موضع الحاجة إليه.

وحكي عن أبي حنيفة: أن سؤرها يكره، وكذلك الخيل، وعنده أن سؤر بني آدم وسائر ما يؤكل لحمه طاهر، وسؤر مشكوك فيه وهو سؤر البغال والحمير، وسؤر نجس وهو سؤر السباع كلها.

والحجة على كراهة سؤر الهر: هو أنه من جملة السباع لكونه ذا ناب، لكن القياس: أن يكون نجسا عنده كسائر السباع، فلما خفف الشرع حكمه بالمخالطة والطوفان فيه، لا جرم كان مكروها ولم يكن محرما.

والمختار: ما عول عليه الجماهير من أئمة العترة والفقهاء من طهارتها ولا مزيد على ما أوردناه في ذلك من الأدلة الشرعية، لكنا نقول: الكراهة حكم شرعي فلا بد فيه من دلالة لكونه مقابلا للمندوب، من جهة أن المندوب: ما جاز تركه والأفضل فعله، والمكروه: ما جاز [فعله] والأفضل تركه، والجنس شامل لهما جميعا، فكما كان الندب لا بد فيه من دلالة، فهكذا حال المكروه من غير فصل، ولا دلالة هناك على كراهة سؤر الهرة.

الانتصار على أبي حنيفة: قال: سؤر السباع نجس.

قلنا: لا نسلم، وقد مر الكلام فيه، وقد أوضحنا كونه طاهرا فأغنى عن الإعادة، ثم إنا إن سلمنا كون السباع نجسة، فالهرة ليست من السباع بنص صاحب الشريعة صلوات الله عليه وعلى آله وسلم، حيث قال: (( إنها ليست سبعا)). ثم إن عموم المخالطة بالطوفان قد خفف أمرها في النجاسة فلا وجه لما ادعاه من الكراهة.

الفرع الثاني: إذا افترست الهرة حيوانا فهل ينجس فمها أم لا؟ فالذي ذهب إليه علماء العترة: أنه ينجس، وهذا هو أحد أقوال الشافعي، وله قول ثان: أنه لا ينجس بالافتراس؛ لأنه لا يمكن الاحتراز منها، وقول ثالث: أنها إن غابت ثم رجعت لم ينجس، لجواز طريان الطهارة على فمها، وإن لم تغب فإنه يكون نجسا؛ لأن الأصل هو بقاء نجاسته بالافتراس.

صفحة ٤١٩