الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
وعلى أبي حنيفة نقول: إذا كان غير متغير بالنجاسة، فإنه بالمكاثرة قد صارت الأرض طاهرة ولا معنى لحفرها، بخلاف ما إذا تغير الماء بالنجاسة، فإنها تنجسه وعلى هذا تكون غالبة فلا تطهر.
الفرع الرابع: وإن وقعت نجاسة على الأرض فصب عليها الماء وكاثرها به، فهل يحكم بطهارتها قبل أن ينشف الماء أم لا؟ فيه وجهان:
أحدهما : أنه يحكم فيها بالطهارة وإن لم ينشف الماء؛ لأن الطهارة فيها متعلقة بالمكاثرة وقد وجدت فلهذا طهرت.
وثانيهما: أنه لا يحكم لها بالطهارة حتى ينشف الماء؛ لأنه لا يتحقق ذهاب النجاسة إلا بالتنشيف، وهذا هو الذي ذكره أصحابنا للمذهب.
والمختار: أن الماء إذا كان راكدا على الأرض ولم تبلعه فإنه ينظر فيه، فإن تغير بالنجاسة التي وقع عليها فهو غير طاهر ولا مطهر لها، وإن لم يكن متغيرا بالنجاسة فإنه يكون طاهرا مطهرا، من جهة أن العبرة هي المكاثرة من غير تغير فيه.
الفرع الخامس: في قدر المكاثرة، وفيه وجهان:
أحدهما: أن يصب على النجاسة ما يكون غامرا لها مستهلكا لأجزائها مما يكون ذاهبا بلونها وطعمها ورائحتها.
وثانيهما: أن النجاسة لا تطهر حتى يصب عليها من الماء سبعة أضعافها؛ لأنها نجاسة فيجب إزالتها بسبعة أضعاف، دليله: ولوغ الكلب.
والمختار: هو الأول، وهو الذي نص عليه الشافعي في (الأم).
والحجة على ذلك: هو أن المقصود إنما هو إزالة النجاسة، وما ذكرناه يكون مذهبا لها فلهذا وجب التعويل عليه، وما ذكروه من أخذه من ولوغ الكلب لا وجه له لأمرين:
صفحة ٤١٧