293

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

تصانيف

الفقه

الفرع الخامس: وإن اشتبه عليه ماءان طاهر ونجس، ومعه إناء ثالث طهارته متحققة، فهل يجوز له الاجتهاد والتحري فيما اشتبه أم لا؟ فيه وجهان:

أحدهما: أن ذلك جائز وهو قول الأكثر من أصحاب الشافعي.

والحجة على ذلك: هو أنه ليس فيه أكثر من العدول عن الماء المتيقن طهارته إلى الماء المحكوم بطهارته من جهة الظاهر، وذلك غير ممتنع في الطهارة ولهذا فإنه يجوز التوضؤ من الماء القليل على شاطئ البحر.

وثانيهما: أن ذلك غير جائز، وهذا يحكى عن بعض أصحاب الشافعي، وهذا هو الأقرب على المذهب والمختار.

والحجة على ذلك: هو أنه يمكنه إسقاط الفرض بيقين بأن يتوضأ مما يتيقن طهارته، فلم يجز الرجوع إلى غلبة الظن كما لا يجوز الاجتهاد في طلب القبلة إذا كانت المعاينة ممكنة.

وإن اشتبه عليه ماء قراح وماء ورد انقطعت رائحته أو ماء شجر، فهل يتحرى أم لا؟ فيه وجهان:

أحدهما: أنه يتحرى، وهذا هو المحكي عن أهل خراسان من أصحاب الشافعي، وذلك أنه قد اشتبه عليه ما يتطهر به بما لا يتطهر به فجاز فيه إعمال النظر والاجتهاد بالتحري كالماء الطاهر والنجس.

وثانيهما: أنه لا يتحرى بل يستعملهما جميعا، وهذا هو قول البغداديين من أصحاب الشافعي وهو رأي الإمام المنصور بالله وهو المختار.

والحجة على ذلك: هو أن ماء الورد وماء الشجر لا أصل لهما في التطهير، فيرد إليهما بالاجتهاد، ولكن يتوضأ بكل واحد منهما ليسقط بيقين.

وإن اشتبه عليه ماء مطلق وبول قد انقطعت رائحته فهل يتحرى أم لا؟ فيه وجهان:

أحدهما: أنه لا وجه للتحري ولكن يتيمم، وهذا هو المحكي عن أهل بغداد من أصحاب الشافعي، وذكره بعض أصحابنا للمذهب.

والحجة على ذلك: هو أن البول لا أصل له في الطهارة فيرد إليه الاجتهاد، فلهذا وجب العدول إلى بدله وهو التيمم.

صفحة ٢٩٨