الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة الحسيني ت. 749 هجري
227

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

تصانيف

الفقه

والحجة على ماقالوه: قد اسلفناها.

والمختار: هو الحكم بطهارة الماء إذا لم يكن متغيرا سواء كان جاريا أو راكدا قليلا كان أو كثيرا، بل هو في الجاري أحق من جهة أن الجرية تذهب بالنجاسة، بخلاف الراكد فإنه يرتد بعضه على بعض، والعذر لمن قال بتنجيس الماء القليل في الراكد أظهر منه في الجاري لما ذكرناه.

فأما على ما اخترناه فهما سيان، ويؤيد ذلك ما نعلم من حال السلف فإنهم مازالوا يستنجون من الأنهار القليلة من غير نكير، وفي هذا دلالة على أن الجاري يخالف الراكد وأنه لاينجس مع كونه قليلا.

فإذا تمهدت هذه القاعدة، فاعلم أن الماء الجاري إذا وقعت فيه النجاسة يكون على أوجه ثلاثة، على رأي من يرى تنجيس الماء وإن لم يكن متغيرا:

الوجه الأول منها: أن تكون النجاسة جارية بجري الماء، فتكون معه لكونها خفيفة لاتثقل عليه كالمنبذ مثلا، فالماء الذي [كان] قبل النجاسة يكون طاهرا لامحالة من جهة أن النجاسة غير واصلة إليه ، فهو كالماء الذي يصب من إبريق على نجاسة، والماء الذي يكون بعدها طاهرا لأنها غير متصلة به، وأما مايختلط بالنجاسة من تحتها ومن فوقها وعن يمينها وعن شمالها، فإنه ينظر فيه فإن كانت الجرية متغيرة بالنجاسة فهو نجس بلا مرية، وإن كانت غير متغيرة، فهل تنجس أم لا؟ فيه أقوال ثلاثة:

فالقول الأول: يأتي على رأي الأكثر من أئمة العترة، وهو أنه يكون نجسا إلا أن يكون كثيرا، واعتبار كثرته باعتبار الأوجه التي قررناها لهم اعتمادا على أن الماء القليل ينجس وإن لم يكن متغيرا، قال المؤيد بالله: لو كان هاهنا ميتة كبيرة وقعت في نهر حتى سدت جانبيه وعلم أن جميع الماء يمر عليها ويجاورها، يجب تنجيسه(¬1) بخلاف ما إذا كان حال الجرية عظيما ولم يتغير فإنه لا ينجس لأجل كثرته.

صفحة ٢٣٢