الإنتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء

ابن عبد البر ت. 463 هجري
34

الإنتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء

الناشر

دار الكتب العلمية

مكان النشر

بيروت

عَلَى خِلافِ ذَلِكَ وَمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ فَحَدَّثَنَاهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ لَمَّا حَجَّ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ دَعَانِي فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَحَادَثْتُهُ وَسَأَلَنِي فَأَجَبْتُهُ فَقَالَ إِنِّي عَزَمْتُ أَنْ آمُرَ بِكُتُبِكَ هَذِهِ الَّتِي قَدْ وَضَعْتَ يَعْنِي الْمُوَطَّأَ فَتُنْسَخَ نُسَخًا ثُمَّ أَبْعَثُ إِلَى كُلِّ مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا نُسْخَةً وَآمُرُهُمْ أَنْ يَعْمَلُوا بِمَا فِيهَا وَلا يَتَعَدَّوْهَا إِلَى غَيْرِهَا وَيَدَعُوا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ هَذَا الْعِلْمِ الْمُحْدَثِ فَإِنِّي رَأَيْتُ أَصْلَ الْعِلْمِ رِوَايَةَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَعِلْمَهُمْ قَالَ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَفْعَلْ هَذَا فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ سَبَقَتْ إِلَيْهِمْ أَقَاوِيلُ وَسَمِعُوا أَحَادِيثَ وَرُوُّوا رِوَايَاتٍ وَأَخَذَ كُلُّ قَوْمٍ بِمَا سبق إِلَيْهِمْ وَعَمِلُوا بِهِ وَدَانُوا بِهِ مِنَ اخْتِلافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَغَيْرِهِمْ وَإِنَّ رَدَّهُمْ عَمَّا اعْتَقَدُوهُ شَدِيدٌ فَدَعِ النَّاسَ وَمَا هُمْ عَلَيْهِ وَمَا اخْتَارَ أَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ لأَنْفُسِهِمْ فَقَالَ لَعَمْرِي لَوْ طَاوَعْتَنِي عَلَى ذَلِكَ لأَمَرْتُ بِهِ وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ نَا يَحْيَى بْنُ مِسْكِينٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالا سَمِعْنَا مَالِكًا يَذْكُرُ دُخُولَهُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ وَقَوْلَهُ فِي انْتِسَاخِ كُتُبِهِ فِي الْعِلْمِ وَحَمْلِ النَّاسِ عَلَيْهَا قَالَ مَالِكٌ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ رَسَخَ فِي قُلُوبِ أَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ مَا اعْتَقَدُوهُ وَعَمِلُوا بِهِ وَرَدُّ الْعَامَّةِ عَنْ مِثْلِ هَذَا عَسِيرٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ كَانَ مَالِكٌ يَجْلِسُ فِي مَنْزِلِهِ عَلَى ضِجَاعٍ لَهُ وَنَمَارِقَ مَطْرُوحَةٍ يُمْنَةً وَيُسْرَةً فِي سَائِرِ الْبَيْتِ لِمَنْ يَأْتِي مِنْ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ وَالنَّاسِ كَانَ مَجْلِسه مجْلِس وقار وحلم قَالَ وَكَانَ رَجُلا

1 / 41