ما علينا، دعونا نتصور الرجل صادقا لكن كان يجب عليه أن يستمر قائلا: «وهكذا كان حال المسلمين من فجر الخلافة حتى سقوطها، وكانت عامل تخلف عظيم لم ينقذنا منه إلا بداية عصر الاستعمار والتنوير والتحضر منذ نابليون ومحمد علي وأتاتورك.» هذا إذا أراد أن يكون صادقا حقا.
وفي كتابه «الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف» يقول: «إن إقامة الدولة المسلمة التي تحكم بشريعة الله وتجمع المسلمين على الإسلام وتوحدهم تحت رايته فريضة على الأمة الإسلامية يجب أن نسعى إليها. وعلى الدعاة إلى الإسلام أن يعملوا كل ما يستطيعون للوصول إليها، وأن يهيئوا الرأي العام المحلي والعالمي لتقبل فكرتهم وقيام دولتهم» (ص222، 223).
وفي الحلقة الثانية من الدين والسياسة يقول: «إن عمل الدولة الإسلامية أنها تحمي العقيدة والإيمان والأخلاق وتقوم نزعات الكفر والضلال وتثبت العقيدة وتشيعها.» ألم نقل إنها دعوة إلى حرب أهلية ثم عالمية؟!
الشيخ الدكتور يوسف قرضاوي لا يرى أن حقوقه الدينية التي أعطاها له ربه قد تم سلبها منه بقرارات عالمية ودولية، فما عاد قادرا على ممارسة حقوقه الشرعية في التمتع بملك اليمين بعد انتهاء عبودية الإنسان لأخيه الإنسان بقرارات دولية ملزمة، قرضاوي حقوقه مسلوبة أمام أعيننا، لا يتمتع بخدمة العبيد رغم أمواله التي تنوء بحمل مفاتيحها العصبة، ولا يستطيع أن يقيم بهذه الأموال جناحا للحريم بقصر من قصوره، كل البشرية اكتسبت حقوقها وهو لا يستطيع حتى أن يعلن هذه الحقوق بصراحة ووضوح في مواجهة العالم، ثم يقول إنه هو من سيأتي للمسلمين بحقوقهم في دولة منتظرة! إن من أعطى قرضاي حق التمتع بملك اليمين هو رب الأرباب وملك الملوك ومع ذلك يستحيي من ممارسة حقوقه الربانية ولا يستطيع أن يمارسها، وها يجيب لنا حقوقنا؟!
يتحدث عن الأخلاق والإسلام بينما تباين الزمان وسعة الشقة بين ظرف الجزيرة في ق7م وبين ظرف بلادنا اليوم، يجعل مثل هذا الحديث كذبا في كذب فهو يطالبنا بأخلاق الإسلام، وأخلاق الإسلام فيها عبودية اغتصاب لملك اليمين، وهذا في أيامنا هو أم الكبائر، لماذا إذن يقولها من الأصل؟ ام أنه فعلا كذب في كذب لا ينتج سوى المرض النفسي المستعصي لدى الأمة كلها. كذب الذات على ذاتها ثم تصديق الكذب لتصبح بديهية. تقال هكذا انفلاتا من أي ضوابط.
إن الأخلاق التي ستقيمها دولة قرضاوي هل ستسمح بتدمير المال العام كوسائل النقل العام أو قتل المدنيين كما أفتى بنفسه لأمراء الجماعات الإرهابية في العراق ولندن وأمريكا وشرم الشيخ، إن منطق الأخلاق بمفهوم اليوم لا يلتقي ومنطق أخلاق زمن مضت عليه عشرات القرون؛ لأن قيم الأخلاق تتغير بتغير المكان والزمان. مثله مثل زواج الصغيرة ورضاع الكبير ... إلخ، كلها قيم زمانها لا قيم زماننا.
في موضوع آخر هو «مدنية الدولة الإسلامية 9 / 1 / 2007م»، يقول قرضاوي: «الدولة في الفكر الشعبي بحكمها الإلهام الإلهي لا الفقيه الذي ليس له عصمة، الفقيه يحاول تطبيق الشريعة لكنه هو نفسه ليس معصوما.» ثم يعرض لرأيه السني في الدولة الإسلامية فيقول في الحلقة ذاتها: «نحن نقبل جوهر الديمقراطية؛ لأنه قد تكون في الديمقراطية أشياء لا تقبل إسلاميا مثل الحرية الشخصية المطلقة وحرية الفسوق»، لا نملك هنا إلا أن نسأله عن تعريف الفسوق، وتعريف هتك العرض الذي هو حق المقاتل المسلم في السبايا، وحق الاعتداء الجنسي بالاغتصاب على الإماء المشتراة.
إن الحرية لا توجد أصلا إلا عندما يسقط قانون الاستعباد وتلغى مواده، الحرية هي إسقاط صك العبودية عن المرأة وعن حق الاعتقاد بصك جديد علني كما فعل إبراهام لنكولن، وليس التحدث عن دولة الحرية والمساواة بينما قانونها يشرع العبودية ووطء ملك اليمين، وعدم إسقاط هذه التشاريع يعني أنهم سيسترجعوننا بها يوم يحكمون عبيدا لهم وإماء يركبونها. وسيتم استرجاع العبد الفار والموالي وأهل الذمة؛ لأن لديه تشاريع وصك ملكية فنحن لسنا سوى مصدر للريع، نحن من يدفع الخراج والجزية بقانون مقدس.
سادتي أهل الدولة الإسلامية، إن مجرد فتح موضوع دولة إسلامية أو خلافة يسحب الولاء فورا عن الولاء للوطن؛ فالولاء لخليفة منتظر، هو خيانة كاملة علنية فصيحة فضيحة للوطن.
الفصل السابع
صفحة غير معروفة