تفسير سورة الإخلاص
محقق
أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني
الناشر
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
تصانيف
وفي "صحيح البخاري" (١) أيضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «قَالَ اللَّهُ ﷿: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَزَعَمَ أَنِّي لاَ أَقْدِرُ أَنْ أُعِيدَهُ كَمَا كَانَ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: لِي وَلَدٌ، فَسُبْحَانِي أَنْ أَتَّخِذَ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا».
وقد رد الله عَلَى من زعم أنه لا يعيد الخلق، وعلى من زعم أن له ولد كما تضمنه هذا الحديث في قوله: ﴿وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا﴾، إِلَى قوله: ﴿لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا﴾ (٢).
وفي "صحيح البخاري" (٣) أيضًا عن النبي ﷺ قال: «لا أَحَدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللهِ، إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لَهُ وَلَدًا وَهُوَ يَرْزُقُهُمْ وَيُعَافِيهِمْ».
فهذه السورة الكريمة تضمنت نفي ما هو من خصائص آلهة المشركين عن رب العالمين؛ حيث جاء في سبب النزول أنهم سالوا النبي ﷺ عن ربه: من أي شيء هو؟ أمن كذا، أم من كذا، أو ممن ورث الدُّنْيَا، ولمن يورثها، حيث كانوا قد اعتادوا آلهة يلدون، ويولدون، ويرثون ويورثون، وآلهة من مواد مصنوعة منها، فأنزل الله هذه السورة.
وفي "المسند" (٤) من حديث أبي بن كعب بعد ذكر نزولها: "لأنّه ليس أحد يولد لا يموت، ولا أحد يرث إلا يورث".
يقول: كل من عبد من دون الله وقد ولد مثل المسيح والعزير وغيرهما من الصالحين، ومثل الفراعنة المدعين الإلهية، فهذا مولود يموت، وهو وإن كان قد ورث من غيره ما هو فيه، فَإِذَا مات ورثه غيره، والله سبحانه حيٌّ لا يموت، ولا يورث ﷾. والله أعلم.
_________
(١) برقم (٤٤٨٢).
(٢) مريم: ٦٦ - ٨٩.
(٣) أخرجه البخاري (٧٣٧٨)، ومسلم (٢٨٠٤).
(٤) (٥/ ١٣٣ - ١٣٤).
2 / 546