تفسير سورة الفاتحة - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
محمد أجمل الإصلاحي
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
نفسه وتمسكنًا، كما روي أن النبي ﵌ لما دخل [مكة] يوم فتحها دخل وذقنُه على
رحله متخشِّعًا (^١). فالتالي الممتلئ خضوعًا وتذللًا إذا جاء إلى قوله: ﴿نَعْبُدُ﴾ ورأى ما في ظاهر الكلمة من مظهر العظمة زاده ذلك خضوعًا وتخشُّعًا، كأنه يقول في نفسه: ومَنْ أنا! ومَنْ أكون!
وهذه وكثير من أمثالها من مُلَح العلم، والذي ينبغي اعتماده أن السورة تعليم من الله ﷿ لعباده، فكأنه قال لهم: قولوا: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ إلخ، كما مرَّ عن ابن جرير، فجاء "نعبد ونستعين" على حسب ذلك.
وإذا قال العبد مع ما صار فيه من حال الخضوع والخشوع: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾، وقد سبق أنها بمعونة المقام تدلُّ على التزام العبادة لله تعالى دون غيره في المستقبل، علِمَ ما هو عليه من الضعف والعجز والظلم والجهل، فاضطُرَّ إلى أن يقول:
" ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾
فينشئ بهذه الجملة استعانة بربه دون غيره على ما التزمه من العبادة.
وفي "الكشاف" (^٢): "والأحسن أن يراد الاستعانة به وبتوفيقه على أداء العبادة، ويكون قوله تعالى: ﴿اهْدِنَا﴾ بيانًا للمطلوب من المعونة، كأنه قيل: كيف أعينكم؟ فقالوا: اهدنا الصراط المستقيم، وإنما كان أحسنَ لتلاؤمِ
_________
(^١) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (٤٣٦٥) ومن طريقه البيهقي في "دلائل النبوة" (٥/ ٦٨ - ٦٩) من حديث أنس، وقال: "صحيح على شرط مسلم"، وسكت عنه الذهبي. وأصله في "صحيح البخاري" (١٨٤٦).
(^٢) (١/ ١٥).
7 / 110