الصراع الفكري في البلاد المستعمرة
الناشر
دار الفكر الجزائر / دار الفكر دمشق
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٠٨ هـ = ١٩٨٨ م / ط ١ القاهرة ١٩٦٠ م
مكان النشر
سورية
تصانيف
وبعبارة أخرى، إنه كان تركيبًا فجًا بدائيًا.
فكان إذن من الحكمة أن يفكر يومًا ما الهتمون بالصراع الفكري، في تركيب جهاز جديد تكون أجزاؤه غير ظاهرة، وغير ظاهرة خاصة إلى الشخص المقصود، حتى تؤدي المرآة مفعولها دون أن يشعر بذلك.
والتحسين المنشود الذي أتى به الجهاز الجديد، هو بالضبط أنه لا يراه إلا من قدّر له، عن قصد أن يراه، أو بتعبير مصطلحنا: لا يراه إلا من هو معد من أجله، ليعكس إلى نظره وشعوره خاصة تلك الإيحاءات التي من شأنها أن تجعله في حالة (السلوك المشروط)، إزاء الأفكار المقصودة من وراء هذا كله.
فميزة التركيب الجديد هو أنه يمكنه أن يلفت النظر إلى كاتب معين، دون أن يشعر هذا بأنه أصبح يشع إيحاءات، ويعكس ردود أفعال شرطية موجهة ضد أفكاره ذاتها.
فهذه المرة لا يمكن لهذا المؤلف أن يتفطن للشبك الذي نصب لأفكاره، لأنه نصب وراء ظهره، وبعيدًا عن نظره، فهو عبارة عما يسمى (لعب صور الظل)، أي تلك الصور التي يمكن للاعب ماهر أن يصورها من ظل يديه وأصابعه، بوصفها قصة يراها الناظر على الحائط، ويمكن أن يزيد اللاعب الماهر في إعجاب ذلك الناظر، إذا كان عنده الصوت المناسب مثل لاعب (جراجوز)، ليعقب على الصور التي تلقيها يداه وأصابعه على الحائط بما يناسب من التعليقات.
وكل مهارة هذا المخرج تكون في أن يستمر لعبه حتى النهاية، دون أن يشعر به الكاتب الذي أعد من أجل أفكاره هذا الجهاز، ولسنا نرى مكانًا لوصف تفصيلي لهذا الجهاز، إذ أننا لا نرى مسوغًا لأن نقدم في هذا العرض النظري،
1 / 75