الصراع الفكري في البلاد المستعمرة
الناشر
دار الفكر الجزائر / دار الفكر دمشق
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٠٨ هـ = ١٩٨٨ م / ط ١ القاهرة ١٩٦٠ م
مكان النشر
سورية
تصانيف
نفسه، عندما نشرت بالقاهرة سنة ١٩٥٧، فقد ذكرت مجملها في هامش إحدى صفحات تلك الترجمة، للفت نظر القارئ العربي إلى إحدى الظواهر التي تؤثر في الصراع الفكري في البلاد المستعمرة، ألا وهي القابلية للاستعمار.
ولكن حين أوردت هذه القصة، على سبيل التنبيه للقابلية للاستعمار، لم أكن أتوقع أن الاستعمار كان يعد في الوقت ذاته خطة لمقاومة جميع الكتب، التي أتيت إلى القاهرة من أجل نشرها بالعربية.
ولما لم يبق في استطاعته أن يمنع صدور هذه الكتب، بمجرد وضع إصبعه على زر، أو بإصدار أمر قاهر، كما كان الأمر ممكنًا في الجزائر، فلم يبق إذن لديه إلا أن يستخدم وسائل أخرى، ومنذ هذا الحين تصبح خطته العلمية في الصراع الفكري، في كل وضوحها.
إن الكاتب يشعر في بعض الظروف، أنه ذرة يستطيع الاستعمار تحطيمها بكل سهولة، لولا أن تلك الظروف تضطره إلى احترام الشكليات، التي تصبح في النهاية هي الحصانة الوحيدة لذلك الكاتب، حينما يجد نفسه فردًا معزولًا عاجزًا.
ولكن احترام الشكليات هو نفسه من الأسباب التي تضفي على المعركة الطابع الخاص، عندما يلجأ الاستعمار إلى الوسائل العلمية البحتة التي نحن بصدد الحديث عنها.
فلنعد من هذا الاستطراد، إلى قصة صدور ترجمة (كتاب شروط النهضة ومشكلات الحضارة) التي تضمنت كما قدمنا، إشارة وجيزة إلى هذا الجانب من الصراع الفكري.
فهي تكوّن واقعة مادية من الصراع الفكري، في مرحلة من مراحله، واقعة تعطينا الفرصة لنرى رأي العين، كيف أن الاستعمار يستغل القواعد العامة
1 / 51