الصراع الفكري في البلاد المستعمرة
الناشر
دار الفكر الجزائر / دار الفكر دمشق
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٠٨ هـ = ١٩٨٨ م / ط ١ القاهرة ١٩٦٠ م
مكان النشر
سورية
تصانيف
ولكن تصور هذة الرقابة الأخيرة سوف يكون ضعيفًا أو غير ممكن في تلك البلاد لسببين بيناهما فيما تقدم وهما:
أولًا: الأمية السائدة في البلد التي تجعل الشعب غير مؤهل للصراع الفكري، لأنه يجعل قيمة الأفكار أدوات كفاح وتحرر.
ثانيًا: السياسة العاطفية القائمة في البلاد تجعل القيادة السياسية على حذر من الأفكار، فهي تخشاها كما يخشاها الاستعمار نفسه، لأنها عادة لا تتفق مع مركب الأفراد الذي يمثل تلك القيادة. وهكذا نجد أنه عندما يرتفع الستار عن حدث في الصراع الفكري، فإن هذا الحدث يبدأ كمسرحية ذات شخصيات خمس:
فكرة كشفت عن وجودها المراصد المختصة بالصراع الفكري، وشعب يجهل دخولها على المسرح، وقيادة تتجاهلها، وصاحبها الذي يحاول تبليغها، والاستعمار الذي حاول خنقها.
ولقد سبق أن تساءلنا كيف يفعل الاستعمار عندما يفقد الوسائل المادية وتضطره الظروف إلى الوسائل العلمية البحتة.
إن هذا السؤال يتضمن في الواقع جانبين يتعلق أحدهما (بالكيفية) والآخر (بالسببية).
ولسوف نتناوله، من الجانب الأول فقط، أعني سوف نتساءل (كيف) يفعل الاستعمار حتى يخنق الأفكار، لا (لماذا) يفعل ذلك؟ لأننا قد نعلم أحيانًا السبب الذي يدفع الاستعمار لمقاومة الأفكار، دون أن نعرف (كيف) يقاومها.
فماذا يفعل عندما تعطيه مراصده إشارة عن ظهور فكرة؟ كيف يتصرف ليحول بينها وبين المجتمع الذي يحاول صاحبها نشرها فيه؟
1 / 49