243

لمحات في الثقافة الإسلامية

الناشر

مؤسسة الرسالة

الإصدار

الخامسة عشرة ١٤٢٥ هـ

سنة النشر

٢٠٠٤ م

تصانيف

قوله:"إذا خانوا الله والرسول فقد خانوا أماناتهم".
ومن هذا يفهم أن مَرَدَّ الأمر إلى مسئولية الإنسان أمام الله -عز جل- وخوفه منه وحده، ولم يكن صنيع أبي لبابة إلا بباعث من شعوره بهذه المسئولية الكبرى، وهو شعور جعله يحس بخطورة ذنبه. الذي لا خلاص منه إلا بتوبة الله عليه. فإذا خلا الإنسان عن هذا الإيمان الذي يدفعه إلى مراقبة الله ﷿ وخوفه منه، فلن يضعه على درب الاستقامة، شعوره بمسئوليته أمام ضميره أو أمام الأمة. ولذلك كان "الهتاف الأخير للأمة المؤمنة هو هتاف التقوى، فما تنهض القلوب بهذه الأمانات الثقال إلا وهي متصلة بالله ترقبه وتخشاه، وتتطلع إلى فضله ورضاه:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ ١.
هذا هو الزاد الذي تتقوى به القلوب في طريق الجهاد، وزاد التقوى الذي يحيي القلوب ويقويها، وزاد الهدى الذي يفرق بين الحق والباطل، وزاد المغفرة الذي يكفر الخطايا، وزاد الأمل في فضل الله العظيم. ذلك يوم تنفد الأزواد، ويوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم"١.

١ الأنفال: "٢٩".
٢ سيد قطب: "في ظلال القرآن" ج٩ ص٩٥.

1 / 260