الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف

شاه ولي الله الدهلوي ت. 1176 هجري
70

الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف

محقق

عبد الفتاح أبو غدة

الناشر

دار النفائس

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠٤

مكان النشر

بيروت

وَجرى مجْرَاه فِي التَّفْرِيع على منهاج تفاريعه ولنضرب لذَلِك مثلا فَنَقُول كل من تطيب فِي هَذِه الْأَزْمِنَة الْمُتَأَخِّرَة إِمَّا أَن يكون يَقْتَدِي بأطباء اليونان أَو بأطباء الْهِنْد فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمُجْتَهد المستقل ثمَّ إِن كَانَ هَذَا المتطبب قد عرف خَواص الْأَدْوِيَة وأنواع الْأَمْرَاض وَكَيْفِيَّة تَرْتِيب الْأَشْرِبَة والمعاجين بعقله بِأَن تنبه لذَلِك من تنبيههم حَتَّى صَار على يَقِين من أمره من غير تَقْلِيد واقتدر على أَن يفعل كَمَا فعلوا فَيعرف خَواص العقاقير الَّتِي لم يسْبق بالتكلم فِيهَا وَبَيَان أَسبَاب الْأَمْرَاض وعلاماتها ومعالجاتها مِمَّا لم يرصده السَّابِقُونَ وزاحم الْأَوَائِل فِي بعض مَا تكلم قل فِي ذَلِك مِنْهُ أَو كثر فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمُجْتَهد الْمُطلق المنتسب وان سلم ذَلِك مِنْهُم من غير يَقِين كَامِل وَكَانَ أَكْثَرهم توليدا للأشربة والمعاجين من تِلْكَ الْقَوَاعِد الممهدة كأكثر متطببي هَذِه الْأَزْمِنَة الْمُتَأَخِّرَة فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمُجْتَهد فِي الْمَذْهَب وَكَذَلِكَ كل من نظم الشّعْر فِي هَذِه الْأَزْمِنَة أما أَن يَقْتَدِي فِي ذَلِك بأشعار الْعَرَب ويختار أوزانهم وقوافيهم وأساليب قصائدهم أَو بأشعار الْعَجم فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمُجْتَهد المستقل ثمَّ إِن كَانَ هَذَا الشَّاعِر مخترعا لأنواع من الْغَزل والتشبيب والمدح والهجو والوعظ وأتى بالعجب العجاب فِي الاستعارات والبديع وَنَحْوهَا مِمَّا لم يسْبق إِلَى مثله بل تنبه لذَلِك من بعض صنائعهم فَأخذ النظير وقايس الشَّيْء بالشَّيْء واقتدر على أَن

1 / 82