حادثة الجركس حسن بك وخلع السلطان مراد
ثم حدثت مسألة الجركس حسن بك ياور السلطان عبد العزيز، فإنه دخل دار مدحت باشا والوزراء مجتمعون فيها، وقتل السرعسكر وراشد باشا ناظرا الخارجة ووالي سوريا قبلا وأحمد آغا الخادم، وخرج ناظر البحرية وبعض الياورية الحاضرين، فأثرت هذه الحوادث في السلطان مراد وأدت إلى احتلال شعوره؛ فخلع بعد ثلاثة أشهر وثلاثة أيام من جلوسه.
جلوس السلطان عبد الحميد
جلس على سرير الملك جلالة مولانا السلطان عبد الحميد خان الثاني، بعد أن اشترط مدحت باشا وحزبه ثلاثة شروط: (1) إعلان القانون الأساسي. (2) استشارة الوزراء وجعلهم مسئولين وحدهم في أمور الدولة. (3) تعيين ضيا بك وكمال بك كاتبين خاصين للمابين، وسعد الله بك باشكاتب؛ لأنهم من الأحرار الحريصين على تنفيذ أحكام القانون الأساسي، والأولون ممن قاموا بتسويده وتنميقه، فلم يعمل بهذه الشروط وتعين الداماد محمود جلال الدين باشا مشيرا للمابين، وإنجليز سعيد باشا رئيسا للياورية ، وكجوك سعيد باشا الصدر الأسبق في هذه الآونة، وكان سعيد بك باشكاتب للمابين.
مؤتمر الأستانة وإعلان القانون الأساسي وصدارة مدحت باشا الثانية
كانت بلاد البلقان في اختلال وهيجان بسبب قيام الهرسك والصرب والجبل الأسود والبلغار وتأففهم من الظلم والاستعباد، ومطالبتهم بالاستقلال، وتمسك كل منهم بقوميته وأدب لغته، بعد أن كان الدين المسيحي الأرثوذكسي يجمعهم تحت سلطة بطريرك القسطنطينية، وكانت أوروبا تطالب الدولة العلية بإجراء الإصلاحات، والعناية بالمسيحيين التابعين لها ووقايتهم من الظلم والاعتساف، فتقرر عقد مؤتمر
Conference
في الأستانة العلية لاتخاذ التدابير اللازمة لتسكين البلاد وإصلاحها، وكان المؤتمر مؤلفا من أحد عشر مندوبا: منهم اثنان من إنجلترا؛ وهما سفيرها السير هنري إليوت، واللورد سالسبوري، واثنان من فرنسا، واثنان من أوستريا «النمسا»، وواحد من روسيا وهو الجنرال أغناتيف، وواحد من إيطاليا، وواحد من ألمانيا، واثنان من قبل الدولة العلية؛ وهما صفوت باشا وأدهم باشا. فعقدوا جلستهم الأولى في 23 كانون الأول/ديسمبر سنة 1876 في دائرة الترسانة «معمل الأسلحة» التي على خليج دار السعادة من جهة غلطه، ولم يكد يتم افتتاح المؤتمر إلا وقد سمعوا أصوات المدافع، فوقف صفوت باشا قائلا: أيها السادة إن أصوات المدافع التي تسمعونها هي دلالة على إعلان القانون الأساسي من قبل جلالة سلطاننا الأعظم، وهذا القانون متكفل بالحقوق والحرية لجميع رعايا المملكة العثمانية بلا استثناء، وقد حصل بذلك المقصود من عقد المؤتمر، فأصبح انعقاده وعمله من قبيل العبثيات.
فبهت القوم وانفضت الجلسة، وقد أعلن القانون الأساسي حقيقة في ذلك اليوم، وأطلق لدى إعلانه مائة مدفع ومدفع في جميع المدن والممالك العثمانية ذات القلاع، وكان مدحت باشا هو روح هذا الانقلاب العظيم، وهو القابض على زمام الأمر في الحقيقة منذ خلع السلطان عبد العزيز، وإن لم يكن «صدر أعظم»، وكان الصدر الأعظم إذ ذاك محمد رشدي باشا شيخا مسنا منقادا له ولحزب تركيا الفتاة، وبعد جلوس السلطان عبد الحميد خان الثاني استقال محمد رشدي باشا لشيخوخته، وتولى الصدارة العظمى مدحت باشا، وهي صدارته الثانية.
لم يرض الجنرال أغناتيف بهذه الإصلاحات ، بل أصر على بقاء انعقاد المؤتمر، فداوم أعماله وقدم لائحة إلى الباب العالي في 15 كانون الثاني/يناير سنة 1877، وطلب الجواب عنها في خلال ثمانية أيام، فكانت من قبيل البلاغ النهائي
صفحة غير معروفة