وكان يدعي اليهود الأبرار أن الشرط الذي عقدوه مع الله يحتم عليهم اجتناب بقية الأمم وعدم مخالطتهم، ومؤاكلتهم ومجالستهم، وقد قال يسوع: إن الله لا يطلب من الناس ذبائح، بل يأمرهم بمحبة بعضهم بعضا محبة خالصة من أدران الرياء والمداهنة.
ويحتم عليهم ذلك الشرط أيضا أن يغتسلوا ويتطهروا، ولكن يسوع قال: إن الله لا يطلب الطهارة الخارجية، بل يأمر الناس أن يأتوا أفعال الرحمة ويحبوا بعضهم، ثم أردف يسوع كلامه بقوله: إن جميع الطقوس مضرة جدا، وإن التقاليد المتبعة عند اليهود ما هي إلا شر وجريمة لا تغتفر؛ لأن تلك التقاليد العبرانية تبعد الناس عن إظهار المحبة حتى لوالديهم.
ثم قال يسوع بشأن جميع نواميس العهد القديم التي ورد فيها ذكر احتمال وقوع الناس في النجاسة: اعلموا جميعا أنه لا يستطيع شيء أن ينجس الإنسان من الخارج، وإنما ما ينجسه هو الأفكار الداخلية التي يفتكر بها وتصدر عنه، وبعد ذلك جاء يسوع إلى أورشليم، تلك المدينة التي كان يعتبرها اليهود مقدسة، ولما بلغها دخل توا الهيكل الذي كان يعتقد اليهود بأن الله ساكن فيه، وقال: إنه لا لزوم لتقديم الذبائح والقرابين لله؛ لأن الإنسان أعظم من الهيكل، وإنما يطلب منه أن يحب قريبه ويساعده.
ثم قال أيضا: إن عبادة الله لا تقيد بمكان، بل تجوز في كل زمان ومكان، وإنما يطلب من البشر خدمة أبيهم الأعلى بالروح والأعمال الصالحة، ولا يستطيع أحد أن ينظر الروح أو يظهره؛ لأن الروح هي أن يعرف الإنسان بنوته للروح الأعلى الأزلي الصمد؛ ولذلك فلا لزوم من ثم للهيكل، وأما الهيكل الحقيقي فهو عالم البشر المتحدين ببعضهم بالمحبة، ثم قال: إن عبادة الله الخارجية أو الكمالية مضرة وأثيمة؛ لأنها أولا تقاوم أعمال المحبة كعبادة اليهود مثلا التي تجيز القتل وتأمر بعدم إكرام الوالدين، ثم إنها تجلب أضرارا عظيمة للإنسان، فإنه عندما يتممها يعتقد بنفسه الطهارة والقداسة ويبتعد عن أعمال المحبة، ثم قال: إن الإنسان لا يفعل أفعال الخير والمحبة إلا إذا كان يشعر بعدم كماله، ولكن الطقوس الخارجية تجعله يظن بنفسه الكمال؛ ولذلك يجب على الناس تركها ورفضها رفضا باتا؛ لأنه لا يمكن الجمع بين الطقوس وأعمال المحبة، والإنسان هو ابن لله بالروح، ولذلك يتحتم عليه أن يخدم أباه بالروح.
متى، 12: 1؛ ومرقص، 2: 23؛ ولوقا، 6: 1: حدث مرة أن يسوع اجتاز مع تلاميذه بين الزروع في يوم السبت، فجاع التلاميذ؛ فجعلوا في طريقهم يقطفون السنابل ويفركونها بأيديهم ويأكلون الحبوب، ولكن حسب تعليم العبرانيين الحسي للعبادة: أن الله عقد مع موسى عهدا على حفظ السبت الذي لا يحل فيه العمل، ومن خالف ذلك يرجم بالحجارة حسب أمر الله .
متى، 7: 2: فلما رأى المستقيمو الرأي (الفريسيون) أن التلاميذ يفركون السنابل، قالوا لهم: لا يليق فعل مثل هذا في السبت الذي لا يحل فيه العمل؛ لأن الله أمر بحفظه؛ وكل من لا يحفظه يحكم عليه بالقتل.
7: فلما سمع ذلك يسوع قال لهم: لو كنتم تدركون معنى كلام الله القائل: إني أريد محبة لا ذبيحة لما حكمتم على من لا ذنب له.
8: والإنسان أعظم من السبت.
لوقا، 13: 10: وحدث أنه بينما كان يسوع يعلم مرة في السبت.
11: تقدمت إليه امرأة مريضة وطلبت إليه أن يعينها.
صفحة غير معروفة