إن المسيحيين واليهود والمسلمين يعتقدون جميعهم بالوحي الإلهي، فالمسلمون يعتقدون بنبوة موسى وعيسى، ولكنهم يعتقدون كما أعتقد بأنه دخل التحريف والتشويه على كتب الديانة النصرانية، وهم يعتقدون بأن محمدا خاتمة الأنبياء، وأنه قد أوضح في قرآنه تعاليم موسى وعيسى الحقيقية كما قالاها دون زيادة ولا نقص، وأن كل مسلم أمامه كتاب القرآن يقرأه ويتمسك به ويسير بموجب أحكامه ولا يعترف بغيره من الكتب مهما اشتهر واضعوها بالتقوى والصلاح، ويسمي المسلمون ديانتهم بالمحمدية لأن محمدا وضعها بخلاف الكنيسة المسيحية التي تسير الآن بموجب تآليف الآباء الذين يدعون بأن ما كتبوه هو من الروح القدس، فكان الأحرى بالمسيحيين أن يسموا كنيستهم الروحية القدسية أولى من تسميتها بالمسيحية.
إن أصحاب البدع الروح القدسية يعتبرون كلام بولص وسائر الرسل والبابوات والبطاركة ولوثيروس وفيلاريت آخر كلام أنزل على الكنيسة من الروح القدس، فكان يجب على كل طائفة أن تسمي نفسها باسم ذاك الذي تتبع أقواله ولا تسمي نفسها مسيحية؛ لأنها تخالف تعاليم المسيح التي لا تهتم بها، بل فضلت عليها أقوال الآباء والمجامع والأساقفة؛ لأنهم يعلمون الناس بأن المسيح قال في كرازته: إنه نزل إلى الأرض ليفتدي الجنس البشري من الخطيئة التي تسلسلت إليه من آدم جد البشر الأول، وإن الروح القدس حل على الرسل، ثم يحل على الكهنوت بواسطة وضع الأيدي، وإنه لأجل الخلاص يتحتم على الناس تتميم سبعة أسرار الكنيسة، ويدعون أن هذه الأمور علمها المسيح للناس وألقاها على تلاميذه، مع أن المسيح براء منها، ولم يشر إلى شيء منها أقل إشارة.
هذه إيضاحات وافية أوضحتها لقراء كتابي الذين ربما تضطرب أفكارهم لدى مطالعتها، ويحزنون على الزمن الذي أضاعوه باتباع الأضاليل والترهات، وما على المقتنع بصحة أقوالي إلا أن يتوب توبة خالصة، ويرفض تلك التعاليم الكاذبة التي رسخت في ذهنه، ولا يلتفت للاضطهاد الذي تضطهده به الكنيسة ورجالها.
وإذا لم يقتنع قراء كتابي بأقوالي فما عليهم إلا أن يضطهدوني؛ لأني شوشت أفكارهم، وإني أحتمل بفرح وسرور جميع ما يتوقع لي منهم.
الإنجيل
تمهيد
الإنجيل هو كتاب أظهر للناس أن الله الأزلي هو أصل كل شيء في العالم، وأوضح لهم أن الله لا يمكن أن يكون شخصا محسوسا تتحسسه الأيدي وتراه الأبصار، ولم تظهر في العالم سوى كلمة الله أو بمعنى آخر كلمة الحياة، وكل إنسان يعيش في هذه الحياة الدنيا بواسطة كلمة الحياة التي بدونها لا يمكن أن يكون عائشا عيشة حقيقية، وأولئك الناس الذين لا يفقهون معنى كلمة الحياة، بل يعتقدون أن الجسد أصل كل شيء هم في ضلال مبين، ولا يتوصلون إلى الحصول على الحياة الحقيقية التي أرشدنا إليها المسيح بتعاليمه، فإنه وضع لنا ناموسا لنسير عليه ولا نتعدى حدوده.
مرقص، 1: 1: بشارة يسوع المسيح ابن الله.
يوحنا، 20: 31: إن تلك البشارة الحسنة تتضمن أن الناس المعتقدين بأنهم أبناء الله ينالون الحياة الصالحة، يوحنا، 1: 1: في البدء كانت كلمة الحياة، وكلمة الحياة قامت بمقام الله فإذن هي الله.
2: وبما أن المسيح بشر بتلك الكلمة، فقد أصبحت أصلا لكل شيء.
صفحة غير معروفة