441

الإنجاد في أبواب الجهاد وتفصيل فرائضه وسننه وذكر جمل من آدابه ولواحق أحكامه

محقق

(مشهور بن حسن آل سلمان ومحمد بن زكريا أبو غازي) (ضبط نصه وعلق عليه ووثق نصوصه وخرج أحاديثه وآثاره)

الناشر

دار الإمام مالك

مكان النشر

مؤسسة الريان

تصانيف

الفقه
الأَنفَالُ للَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [الأنفال: ١]، فقال أكثرهم: هي منسوخة بقوله ﷿: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للَّهِ
خُمُسَهُ ...﴾ الآية [الأنفال: ٤١] . وقائل هذا القول يجعل الأنفال في الآية هي الغنائم نفسها، وإنما أخذ النَّفل من النافلة؛ وهي الزيادة، قالوا: والغنائم أنفال؛ لأن الله -تعالى- نفلها أمة محمدٍ ﷺ، أي: زادهم ذلك وخصَّهم به دون الأمم بفضله.
قال ﷺ: «... وأحلت لي الغنائم، ولم تحلَّ لأحدٍ قبلي» (١) .
وروى أهل اللغة: أن النفل: المغنم. والجمع: أنفال (٢) . قالوا: فكانت آية الأنفال من أول ما نزل بالمدينة، ولم يكن أمرٌ بتخميس الغنائم وقسمها، بل كان الأمر في الغنائم كلها إلى النبي ﷺ، فنسخ الله ذلك بآية الخمس ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ﴾ [الأنفال: ٤١]، فاستقرَّ أمر الغنائم على التخميس، وقسم سائرها في الغانمين على السهمان المعلومة. ورُوي في سبب نزول الآية ما يدلُّ على هذا المذهب.

(١) أخرج البخاري في «صحيحه» في كتاب التيمم (الطهارة) (باب التيمم) (رقم ٣٣٥)؛ من حديث جابر بن عبد الله، أن النبي ﷺ قال: «أعطيت خمسًا، لم يعطهنَّ أحدٌ قبلي: نُصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجلٍ من أمتي أدركته الصلاة فليصلِّ، وأحلت لي المغانمُ، ولم تُحلَّ لأحدٍ قبلي، وأُعطيت الشفاعة، وكان النبي يُبعث إلى قومه خاصة، وبُعثت إلى الناس عامة» .
وأخرجه في كتاب الصلاة (باب قول النبي ﷺ: «جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا») (رقم ٤٣٨)، وفي كتاب فرض الخمس (باب قول النبي ﷺ: «أحلت لكم الغنائم») (رقم ٣١٢٢-مختصرًا مقتصرًا على لفظ الباب) .
وأخرجه مسلم في أول كتاب المساجد (رقم ٥٢١) .
(٢) انظر: «النهاية في غريب الحديث» (٥/٩٩) . وهو قول ابن عباس؛ أخرجه الطبري في «التفسير» (١٣/٣٦٢) بسنده إلى علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس. وعلٌّقه البخاري في «صحيحه» في كتاب التفسير (رقم ٤٦٤٥) . وأورده ابن كثير في «التفسير» (٣/٥٤٥)؛ وعزاه إلى علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس بلفظ: «الغنائم كانت لرسول الله ﷺ خالصة ليس لأحدٍ منها شيءٍ» .
وهو قول غير واحدٍ من التابعين أنها الغنائم، كما ذكر ذلك ابن كثير -أيضًا-.

1 / 457