ورثة الأنبياء شرح حديث أبي الدرداء
محقق
أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني
الناشر
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
تصانيف
ومنهم الكفار والمنافقون، ومنهم العصاة الظالمون لأنفسهم.
فلم يشعروا إلا وقد طرقهم داعي الملك، فأخرجهم عن أوطانهم، واستدعاهم إلى الملك، فقدموا عليه قدوم الآبق على سيده الغضبان.
فإذا تأملت أقسام الناس المذكورة لم تجد أشرف ولا أقرب عند الملك من العلماء الربانيين، فهم أفضل الخلق بعد المرسلين.
قوله ﷺ: "وَإِنَّ العُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ".
يعني أنّهم ورثوا ما جاء به الأنبياء من العِلْم، فخلفوا الأنبياء في أممهم بالدعوة إلى الله وإلى طاعته، والنهي عن معاصي الله والذب عن دينه.
وفي مراسيل الحسن، عن النبي ﷺ قال: "رَحْمَةُ اللهِ عَلَى خُلَفَائِي. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَنْ خُلَفَاؤُكَ؟ قَالَ: «الَّذِينَ يُحْيُونَ سُنَّتِي مِنْ بَعْدِي وَيُعَلِّمُونَهَا عِبَادَ اللَّهِ".
وقد روي نحوه من حديث (١) علي بن أبي طالب ﵁ مرفوعًا أيضًا.
فالعلماء في مقام الرسل بين الله وبين خلقه، كما قال ابن المنكدر:
إِنَّ العَالِمَ بَيْنَ اللهِ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، فَلْيَنْظُرْ كَيفَ يَدْخُلُ عَلَيْهِمِ.
وقال ابن عيينة: أَعْظَمُ النَّاسِ مَنْزِلَةً مَنْ كَانَ بَيْنَ اللهِ وَبَيْنَ خَلْقِهِ: الأَنْبِيَاءُ، وَالعُلَمَاءُ.
وقال سهل التستري: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَجَالِسِ الأَنْبِيَاءِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَجَالِسِ العُلَمَاءِ، يَجِيءُ الرَّجُلُ فَيَقُولُ: يَا فُلاَنُ، أيش تَقُولُ فِي رَجُلٍ حَلَفَ عَلَى امْرَأَتِهِ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: طُلِّقَتْ امْرَأَتُهُ، وَيَجِيءُ آخَرُ فَيَقَولُ: مَا تَقُولُ
_________
(١) أخرجه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (١/ ١٦٣) عن علي بنحوه. وقال الذهبي في "الميزان" (١/ ٢٧٠): هذا باطل. وذكره الديلمي في "فردوس الأخبار" (١/ ٤٧٩) بلفظ: "اللهم ارحم خلفائي، الذين يرون أحاديثي وسنتي، ويعلمونها الناس".
1 / 47